التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ
٣٢
إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ
٣٣
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٣٤
-آل عمران

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (32) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلّوا } يحتمل المضيّ والمضارعة بمعنى فان تتولّوا { فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } لا يرضى عنهم ولا يثني عليهم قيل إنما لم يقل ولا يحبّهم لقصد العموم والدلالة على أن التولي كفر وأنّه بهذه الحيثيّة ينفي محبّة الله تعالى وان محبته مخصوصة بالمؤمنين.
{ (33) إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحَاً وَآَلَ إبْرَاهِيْمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } بالرسالة والخصائص الروحانية والفضائل الجسمانية ولذلك قووا على ما لم يقو عليه غيرهم لما أوجب طاعة الرسل وبيّن انها الجالبة لمحبّة الله، عقب ذلك ببيان مناقبهم تحريضاً عليها وبه استدل على فضلهم على الملائكة وآل إبراهيم إسماعيل وإسحاق وأولادهما وآل عمران: موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر ابن فاهث ابن لاوي بن يعقوب وعيسى وامّه مريم عليها السلام بنت عمران بن ماثان وماثان ينتهي بسبعة وعشرين اباً إلى يهود بن يعقوب وبين العمرانين الف وثمانماءة سنة كذا قيل.
أقول: وقد دخل في آل إبراهيم نبيّنا وأهل بيته عليهم السلام.
العياشي عن الباقر عليه السلام انه تلا هذه الآية فقال نحن منهم ونحن بقيّة تلك العترة.
وفي المجالس عن الصادق عليه السلام قال قال محمد بن اشعث بن قيس الكندي لعنة الله عليه: للحسين عليه السلام يا حسين بن فاطمة صلوات الله عليهما ايّة حرمة لك من رسول الله صلّى الله عليه وآله ليست لغيرك فتلا الحسين عليه السلام هذه الآية { ان الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذريّة بعضها من بعض } الآية ثم قال والله إنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلم لمن آل إبراهيم وان العترة الهادية لمن آل محمد صلوات الله عليهم.
وفي العيون: في حديث الفرق بين العترة والأمّة فقال المأمون هل فضّل الله العترة على سائر الناس فقال أبو الحسن عليه السلام ان الله تعالى ابان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه فقال له المأمون أين ذلك من كتاب الله فقال له الرضا عليه السلام في قوله تعالى ان الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين.
والقمّي قال العالم عليه السلام نزل وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد صلوات الله عليهم على العالمين فاسقطوا آل محمد عليهم السلام من الكتاب.
والعياشي عن الصادق عليه السلام قال وآل محمد كانت فمحوها.
وفي المجمع وفي قراءة أهل البيت وآل محمد صلوات الله عليهم على العالمين وقالوا أيضاً ان آل إبراهيم عليهم السلام هم آل محمد صلوات الله عليهم الذين هم أهله ويجب أن يكون الذين اصطفاهم الله تعالى مطهّرين معصومين منزّهين عن القبائح لأنه سبحانه لا يختار ولا يصطفي إلا من كان كذلك انتهى كلامه.
أقول: وعلى هذه القراءة يكون من قبيل عطف الخاص على العام كعطف آل عمران بكلا معنييه على إبراهيم عليهم السلام.
وفي المعاني عن الصادق عليه السلام انه سئل عن معنى آل محمد عليهم السلام فقال آل محمد صلوات الله عليهم من حرم الله عز وجل على محمد صلّى الله عليه وآله وسلم نكاحه.
وعنه عليه السلام أن آل محمد صلوات الله عليهم ذريته وأهل بيته الأئمة الأوصياء وعترته أصحاب العباء وامّته المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله المتمسّكون بالثقلين الذين امروا بالتمسّك بهما كتاب الله وعترته أهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وهم الخليفتان على الأمة بعده.
{ (34) ذُرِيّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ } الذرية يقع على الواحد والجمع يعني أنهم ذريّة واحدة متسلسلة بعضها متشعّبة من بعض.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام في بيانه ان الذين اصطفاهم الله بعضهم من نسل بعض.
والعياشي عنه عليه السلام أنّه قيل له ما الحجة في كتاب الله ان آل محمد هم أهل بيته صلوات الله عليهم؟ قال قول الله عز وجل "ان الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد هكذا نزلت على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم" قال ولا يكون الذرية من القوم الا نسلهم من أصلابهم.
{ وَاللهُ سَمِيعٌ } بأقوال الناس { عَلِيمٌ } بأعمالهم فيصطفي من كان مستقيم القول والعمل.