{ (1) الم }
{ (2) غُلِبَتِ الرُّومُ } غلبتها فارس
{ (3) فِى أَدْنَى الأَرْضِ } قيل اي ادنى ارض العرب منهم او ادنى ارضهم من
العرب { وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ }
{ (4) فِى بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ } قيل من قبل كونهم غالبين وهو
وقت كونهم مغلوبين أي له الامر حين غلبوا وحين يغلبون ليس شيء منهما الاّ
بقضائه.
وفي الخرائج عن الزكيّ عليه السلام انّه سئل عنه عليه السلام فقال له الامر من
قبل ان يأمر به وله الامر من بعد ان يأمر به يقضي بما يشاء.
والقمّي عن الباقر عليه السلام لله الامر من قبل ان يأمر ومن بعد ان يقضي بما
يشاء { وَيَوْمَئِذٍ } ويوم يغلبون { يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ }
(5) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ } فينصر هؤلاء تارة وهؤلاء اخرى
{ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } ينتقم من عباده بالنصر عليهم تارة ويتفضّل عليهم
بنصرهم اخرى قيل غلبت فارس الروم وظهروا عليهم على عهد رسول الله صلّى الله
عليه وآله ففرح بذلك كفّار قريش من حيث انّ اهل فارس كقريش لم يكونوا اهل
كتاب وساء ذلك المسلمين وكان بيت المقدس بيت لأهل الروم كالكعبة للمُسلمين
فدفعتهم فارس عنه ثم ظهرت الروم على فارس يوم الحديبيّة.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال انّ لها تأويلاً لا
يعلمه الاّ الله والرّاسخون في العلم من آل محمد صلوات الله عليهم انّ رسول الله
صلّى الله عليه وآله لمّا هاجر الى المدينة واظهر الإِسلام كتب الى ملك الروم كتاباً
وبعث به مع رسول يدعوه الى الإِسلام وكتب الى ملك فارس كتاباً يدعوه إلى الإِسلام
وبعثه اليه مع رسُوله فامّا ملك الروم فعظّم كتاب رسول الله صلّى الله عليه وآله واكرم
رسوله وامّا ملك فارس فإِنّه استخفّ بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وآله ومزّقه
واستخفّ برسوله وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون ان
يغلب ملك الروم ملك فارس وكانوا لناحية ارجا منهم لملك فارس فلمّا غلب ملك
فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتمّوا به فأنزل الله عزّ وجلّ بذلك كتاباً { الم }
غلبت الرّوم في ادنى الأرض يعني غلبتها فارس في ادنى الأرض وهي الشّامات وما
حولها وهم يعني فارس من بعد غلبهم الرّوم سيغلبون يعني يغلبهم المسلمون في
{ بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ
يَشَاءُ }
قال فلمّا غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عزّ وجلّ قيل
اليس الله يقول في بضع سنين وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله صلّى
الله عليه وآله وفي امارة ابي بكر وانّما غلب المؤمنون فارس في امارة عمر فقال ألم
اقل لك انّ لهذا تأويلاً وتفسيراً وللقرآن ناسخ ومنسوخ اما تسمع لقول الله عزّ وجلّ { للهِ
الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ } يعني اليه المشيّة في القول ان يؤخّر ما قدّم ويقدّم ما اخّر في
القول الى يوم تحتّم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين وذلك قوله عزّ وجلّ
ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله اي يوم تحتّم القضاء بالنصر.
والقمّي عنه عليه السلام مثله الاّ انّه لم يذكر قوله يعني يغلبهم المسلمون ولا
قوله فلمّا غزا المسلمون الى قوله { بِنَصْرِ اللهِ } وبناء الرّوايتين على قراءة سيُغلبون بضمّ
الياء مع ضمّ غلبت وقرئ في الشّواذّ غلبت بالفتح وسيغلبون بالضمّ وعليه بناء ما في
كتاب الاستغاثة لابن ميثم قال لقد روينا من طريق علماء أهل البيت في اسرارهم
وعلومهم التي خرجت منهم الى علماء شيعتهم انّ قوماً ينسبون الى قريش وليسوا من
قريش بحقيقة النّسب وهذا ممّا لا يعرفه الاّ معدن النبوّة وورثة علم الرسالة وذلك مثل
بني اميّة ذكروا انّهم ليسوا من قريش وانّ اصلهم من الروم وفيهم تأويل هذه الآية { الم }
غلبت الروم معناه انّهم غلبوا على الملك وسيغلبهم على ذلك بنو العبّاس.