التفاسير

< >
عرض

يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً
٣٠
وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً
٣١
يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً
٣٢
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً
٣٣
-الأحزاب

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (30) يَا نِسَاءَ النَبِىّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }ظاهر قبحها { يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } ضعفي عذاب غيرهنّ اي مثليه لأنّ الذنب منهنّ اقبح وقرء يضعّف بتشديد العين وبالنون ونصب الْعذاب { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا } لا يمنعه عن التضعيف كونهنّ نساء النبيّ وكيف وهو سببه.
القمّي عن الصادق عليه السلام قال الفاحشة الخروج بالسيف.
{ (31) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ } ومن يدم على الطاعة { للهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } مرّة على الطاعة ومرّة على طلبهنّ رضاء النبيّ صلّى الله عليه وآله بالقناعة وحسن المعاشرة وغير ذلك وقرء نعمل ونؤتها بالنون فيهما{ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } في الجنّة زيادة على اجرها.
القمّي عن الباقر عليه السلام قال كلّ ذلك في الآخرة حيث يكون الأجر يكون العذاب.
{ (32) يَا نِسَاءَ النَّبِىّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ اللهَ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } قيل فلا تُجِبن بقولكنّ خاضعاً ليّناً مثل قول المريبات { فَيَطْمَع الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ } فجور { وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا } حسناً بعيداً عن الريبة.
{ (33) وَقِرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ } من الوقار او القرار وقرء بفتح القاف { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى }
في الاكمال عن ابن مسعود عن النبيّ صلّى الله عليه وآله في حديث انّ يوشع ابن نون وصيّ موسى عليه السلام عاش بعد موسى ثلاثين سنة وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى عليه السلام فقالت انا احقّ منك بالامر فقاتلها فقتل مقاتلتها واحسن اسرها وانّ ابنة ابي بكر ستخرج على عليّ في كذا وكذا الفاً من امّتي فيقاتلها فيقتل مقاتلتها ويأسرها فيحسن اسرها وفيها انزل الله تعالى { وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولى } يعني صفراء بنت شعيب.
والقمّي عن الصادق عن ابيه عليهما السلام في هذا الآية قال اي سيكون جاهليّة اخرى { وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ } في سائر ما امركنّ به ونهاكنّ عنه { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }
القمّي ثمّ انقطعت مخاطبة نساء النبيّ صلّى الله عليه وآله وخاطب اهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال انّما يريد الله الآية ثم عطف على نساء النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال واذكرن ما يتلى ثم عطف على آل محمد صلوات الله عليهم فقال انّ المسلمين الآية.
وعن الباقر عليه السلام نزلت هذه الآية في رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليّ ابن ابي طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وذلك في بيت امّ سلمة زوجة النبيّ صلّى الله عليه وآله فدعا رسول الله صلّى الله عليه وآله امير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ثم البسهم كساء له خيبريّاً ودخل معهم فيه ثم قال اللّهم هؤلاء اهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني اللّهمّ اذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً فقالت امّ سلمة وانا معهم يا رسول الله قال ابشري يا امّ سلمة فانّك على خير وعن زيد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام انّ جهّالاً من الناس يزعمون انّه انّما اراد الله بهذه الآية ازواج النبيّ صلّى الله عليه وآله وقد كذبوا واثموا وايمن الله ولو عنى ازواج النبيّ صلّى الله عليه وآله لقال ليذهب عنكنّ الرّجس ويطهّركنّ تطهيراً وكان الكلام مؤنّثاً كما قال اذكرن ما يتلى في بيوتكنّ ولا تبرّجن ولستنّ كأحد من النساء.
والعيّاشي عن الباقر عليه السلام ليس شيء ابعد من عقول الرجال من تفسير القرآن انّ الآية ينزل اوّلها في شيء واوسطها في شيء وآخرها في شيء ثم قال انّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهّركم تطهيراً من ميلاد الجاهلية.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال يعني الأئمّة عليهم السلام وولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله.
وعنه عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه قال في حديث اوصيكم بكتاب الله واهل بيتي فانّي سألت الله عزّ وجلّ ان لا يفرّق بينهما حتّى يوردهما عليَّ الحوض فأعطاني ذلك وقال لا تعلّموهم فانّهم اعلم منكم وقال انّهم لن يخرجوكم من باب هُدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة قال فلو سكت رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يبيّن من اهل بيته لادّعاها آل فلان وآل فلان ولكنّ الله عزّ وجلّ انزل في كتابه لنبيّه صلّى الله عليه وآله انّما يريد الله الآية وكان عليّ والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام فأدخلهم رسول الله صلّى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت امّ سلمة ثم قال اللهم انّ لكلّ نبيّ اهلاً وثقلاً وهؤلاء اهل بيتي وثقلي فقالت امّ سلمة ألست من اهلك فقال انّك الى خير ولكن هؤلاء اهلي وثقلي وقال في آخر الحديث الرّجس هو الشّك والله لا نشكّ في ربّنا ابداً.
وفي الخصال في احتجاج عليّ عليه السلام على ابي بكر قال فأُنشدك بالله الي ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس ام لك ولأهل بيتك قال بل لك ولأهل بيتك قال فأُنشدك بالله انا صاحب دعوة رسول الله صلّى الله عليه وآله وأهلي وولدي يوم الكساء اللهم هؤلاء اهلي اليك لا الى النار ام انت قال بل انت واهل بيتك وفي احتجاجه عليه السلام على الناس يوم الشورى قال انشدكم بالله هل فيكم احد انزل الله فيه آية التطهير على رسوله انّما يريد الله الآية فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله كساء خيبريّاً فضمّني وفيه فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ثم قال يا ربّ هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً غيري قالوا اللّهمّ لا.
وفي الاكمال عن امير المؤمنين عليه السلام انّه قال في جمع من المهاجرين والانصار في المسجد ايّام خلافة عثمان ايّها الناس اتعلمون انّ الله عزّ وجلّ انزل في كتابه انّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهّركم تطهيراً فجمعني وفاطمة وابنيّ حسناً وحُسيناً عليهم السلام والقى علينا كساه وقال اللّهم انّ هؤلاء اهل بيتي ولحمتي يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم ويخرجني ما يخرجهم فاذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً فقالت امّ سلمة وانا يا رسول الله فقال انت أو انّك على خير انّما انزلت فيّ وفي اخي وفي ابنتي وفي ابنيّ وفي تسعة من ولد ابني الحسين عليهم السلام خاصّة ليس معنا احد غيرنا فقالوا كلّهم نشهد انّ امّ سلمة حدثتنا بذلك فسألنا رسول الله فحدّثنا كما حدّثنا امّ سلمة رضي الله عنها.
وفي العلل عن الصادق عليه السلام نزلت هذه الآية في النبي وامير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام فلمّا قبض الله عزّ وجلّ نبيّه كان امير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين عليهم السلام ثم وقع تأويل هذه الآية وأُولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله وكان عليّ بن الحسين عليهما السلام ثم جرت في الأئمّة من ولده الأوصياء عليهم السلام فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عزّ وجلّ.
أقولُ: الرّوايات في نزول هذه الآية في شأن الخمسة اصحاب العباء من طريق الخاصّة والعامّة اكثر من ان يحصى وقد ذكر في المجمع من طريق العامّة منها ما ذكر من اراده فليطلبه منه.