التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٣٨
هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً
٣٩
قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ ٱلظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً
٤٠
إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً
٤١
وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً
٤٢
ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً
٤٣
أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً
٤٤
وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً
٤٥
-فاطر

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (38) إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ } لا يخفى عليه خافية فلا يخفى عليه احوالهم { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }
{ (39) هُوَ الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِى الأَرْضِ } القمّي اليكم مقاليد التصرف فيها او جعلكم خلفاً بعد خلف { فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } جزاء كفره { وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاّ مَقْتًا وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاّ خَسَارًا } بيان له والتكرير للدلالة على انّ اقتضاء الكفر لكلّ واحد من الامرين مستقل باقتضاء قبحه ووجوب التجنّب عنه والمراد بالمقت وهو اشدّ البغض مقت الله والخسار خسار الآخرة.
{ (40) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ } اخبروني عن هؤلاء الشّركاء { الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ } يعني آلهتهم والاضافة اليهم لأنّهم جعلوهم شركاء لله أو لأنفسهم فيما يملكونه { أرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ } بدل من أرأيتم { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى السَّموَاتِ } شركة مع الله في خلقها فاستحقّوا بذلك شركة في الالوهيّة ذاتية { أَمْ آتَيْنَاهُمْ } اي الشّركاء او المشركين { كتاباً } ينطق على انّا اتّخذنا شركاء { فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ } على حجّة من ذلك الكتاب بأنّ لهم شركة جعليّة وقرئ على بيّنات اشارة الى انّه لا بدّ في مثله من تعاضد الدّلائل { بَلْ إِنْ يَعِدُ الظّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلاّ غُرُورًا } بأنّهم شفعاؤهم عند الله يشفعون لهم بالتّقرّب اليهم.
{ (41) إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ } من بعد الله او من بعد الزّوال { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } حيث امسكهما وكانتا جديرتين بأن تهدّا هدّا كما قال عزّ وجلّ
{ { تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ } [مريم: 90] .
في الكافي عن امير المؤمنين عليه السلام انّه سئل عن الله عزّ وجلّ يحمل العرش ام العرش يحمله فقال عليه السلام الله عزّ وجلّ حامل العرش والسموات والارض وما فيهما وما بينهما وذلك قول الله تعالى انّ الله يمسك السّموات { وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ } الآية.
وفي الاكمال عن الرضا عليه السلام في حديث بنا يمسك الله السموات والارض ان تزولا وعنهم عليهم السلام لولا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها.
{ (42) وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونَنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ } قيل وذلك انّ قريشاً لمّا بلغهم انّ أهل الكتاب كذّبوا رسولهم قالوا لعن الله اليهود والنصارى لو اتانا رسول لنكوننّ أهدى من احدى الامم ويأتي في هذا المعنى حديث في سورة ص ان شاء الله { فَلَمّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ } يعني محمّد صلّى الله عليه وآله { مَا زَادَهُمْ } اي النذير او مجيئه { إِلاّ نُفُورًا } تباعداً عن الحقّ.
{ (43) اِسْتِكْبَارًا فِى الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّىِّء وَلاَ يَحِيقُ } ولا يحيط { الْمَكْرُ السَّىِّءُ إِلاّ بِأَهْلِهِ } وهو الماكر قيل وقد حاق بهم يوم بدر { فَهَلْ يَنْظُرُونَ } ينتظرون { إِلاّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ } سنّة الله فيهم بتعذيب مكذّبيهم { فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً } اذ لا يبدّلها بجعل التّعذيب غيره ولا يحوّلها بنقله الى غيرهم.
{ (44) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِى الأَرْضِ فِيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } قيل استشهاد عليهم بما يشاهدونه في مسايرهم الى الشام واليمن والعراق من آثار الماضين والقمّي قال أولم ينظروا في القرآن وفي أخبار الامم الهالكة { وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَىْءٍ } ليسبقه ويفوته { فِى السَّموَاتِ وَلاَ فِى الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا } بالأشياء كلّها { قَدِيرًا } عليها.
{ (45) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النّاسَ بِمَا كَسَبُوا } من المعاصي { مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا } ظهر الأرض { مِنْ دَابَّةٍ } تدبّ عليها بشؤم معاصيهم { وَلَكِنْ يُؤّخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا } فيجازيهم على اعمالهم قد سبق ثواب قراءتها في آخر سورة سبأ.