التفاسير

< >
عرض

أَءُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ
٨
أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ
٩
أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ
١٠
جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ
١١
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ
١٢
وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ لْئَيْكَةِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلأَحْزَابُ
١٣
إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ
١٤
وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ
١٥
وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ
١٦
ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ
١٧

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (8) ءَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا } انكار لاختصاصه بالوحي وهو مثلهم او ادون منهم في الشرف والرياسة لقولهم { لَوْلاَ نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٌ } وامثال ذلك دليل على انّ مبدأ تكذيبهم لم يكن الاّ الحسد وقصور النظر على الحطام الدنيوي { بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِنْ ذِكْرِى } في القرآن والوحي لميلهم الى التقليد واعراضهم عن الدليل { بَلْ لَمّا يَذُوقُوا عَذَابِ } بل لم يذوقوا عذابي بعد فاذا ذاقوه زال شكّهم والمعنى انهم لا يصدّقون به حتّى يمسّهم العذاب فيلجئهم الى تصديقه.
{ (9) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهّابِ } بل اعندهم خزائن رحمته وفي تصرّفهم حتّى يصيبوا بها من شاؤوا ويصرفوها عمّن شاؤوا فيتخيّروا للنبوّة بعض صناديدهم يعني انّ النبوّة عطيّة من الله يتفضّل بها على من يشاء من عباده لا مانع له فانّه العزيز الغالب الذي لا يغلب الوهّاب الذي له ان يهب كلّ ما يشاء لمن يشاء.
{ (10) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } ام لهم مدخل في هذا العالم الذي هو جزء يسير من خزائنه { فَلْيَرْتَقُوا فِى الأَسْبَابِ } اي ان كان لهم ذلك فليصعدوا في المعارج التي يتوصل بها الى العرش حتّى يستووا عليه ويدبّروا امر العالم فينزلوا الوحي الى من يستصوبون وهو غاية التّهكّم لهم وقيل اريد بالاسباب السموات لأنّها اسباب الحوادث السّفليّة.
{ (11) جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأَحْزَابِ } اي هم جند ما من الكفّار المتحزّبين على الرسل.
القمّي يعني الذين تحزّبوا عليك يوم الخندق وقيل مهزوم اي مكسور عمّا قريب فمن اين لهم التدابير الالهية والتصرف في الامور الربّانية أو فلا تكترث لما يقولون وهنالك اشارة الى حيث وضعوا فيه انفسهم من الابتداء لهذا القول.
{ (12) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ } في العلل عن الصادق عليه السلام انه سئل عن قوله تعالى وفرعون ذو الاوتاد لأيّ شيء سمّي ذا الأوتاد فقال لأنّه كان اذا عذّب رجلاً بسطه على الأرض على وجهه ومدّ يديه ورجليه فأوتدها بأربعة اوتاد في الأرض وربّما بسطه على خشب منبسط فوتد رجليه ويديه بأربعة اوتاد ثم تركه على حاله حتّى يموت فسمّاه الله عزّ وجلّ فرعون ذا الأوتاد.
والقمّي عمل الاوتاد التي اراد ان يصعد بها الى السماء.
{ (13) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ } واصحاب الغيضة وهم قوم شعيب أولَئِكَ الأَحْزَابُ يعني المتحزّبين على الرسل الذي جعل الجند المهزوم منهم.
{ (14) إِنْ كُلٌّ إِلاّ كَذَّبَ الرُّسُل فَحَقَّ عِقَابِ }.
(15) وَمَا يَنْظُرُ هؤُلاَءِ } وما ينتظر قومك او الاحزاب جميعاً { إِلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } هي النفخة { مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ } قيل اي من توقّف مقدار فوق وهو ما بين الحلبتين او رجوع وترداد فانّه فيه يرجعل اللّبن الى الضرع والقمّي اي لا يفيقون من العذاب وقرء بضمّ الفاء وهما لغتان.
{ (16) وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَنَا قِطّنا } قسطنا من العذاب الذي توعدنا به في المعاني عن امير المؤمنين عليه السلام في معناه قال نصيبهم من العذاب { قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ } استعجلوا ذلك استهزاء.
{ (17) اِصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ } في التوحيد عن الباقر عليه السلام اليد في كلام العرب القوة والنّعمة ثمّ تلا هذه الآية { إِنَّهُ أَوّابٌ } قيل اي رجّاع الى مرضاة الله لقوّته في الدين.
والقمّي اي دعّاء قيل كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ويقوم نصف اللّيل.