التفاسير

< >
عرض

لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً
٩٥
دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٩٦
-النساء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (95) لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ } عن الحرب { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوِلِي الضّرَرِ } الأصحاء وقرئ منصوباً أي حال خلوهم عن الضرر المانع من الخروج.
في المجمع نزلت في كعب بن مالك من بني سلمة ومرارة بن ربيع من بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية من بني واقف تخلفوا عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يوم تبوك وعذر الله أولي الضرر وهو عبد الله بن أم مكتوم قال رواه أبو حمزة الثمالي في تفسيره.
وفي العوالي روى زيد بن ثابت أنه لم يكن في آية نفي المساواة بين المجاهدين والقاعدين استثناء غير أولي الضرر فجاء ابن أم مكتوم وكان أعمى وهو يبكي فقال يا رسول الله كيف بمن لا يستطيع الجهاد فغشيه الوحي ثانياً ثم سرى عنه عليه السلام.
فقال اقرأ غير أولي الضرر فالحقتها والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في الكتف { وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } ترغيب للقاعد في الجهاد { فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وُكُلاًّ } من القاعدين والمجاهدين { وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى } المثوبة الحسنى وهي الجنة لحسن عقيدتهم وخلوص نيتهم.
في الجوامع عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لقد خلفتم في المدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً الا كانوا معكم وهم الذين صحت نياتهم ونصحت جيوبهم وهوت أفئدتهم إلى الجهاد وقد منعهم من المسير ضرراً أو غيره { وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً }.
{ (96) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً }.
في المجمع جاء في الحديث أن الله سبحانه فضل المجاهدين على القاعدين سبعين درجة بين كل درجتين مسيرة سبعين خريفاً للفرس الجواد المضمّر قيل كرر تفضيل المجاهدين وبالغ فيه اجمالاً وتفصيلاً وتعظيماً للجهاد وترغيباً فيه وقيل الأول ما خولهم في الدنيا من الغنيمة والظفر وجميل الذكر والثاني ما جعل لهم في الآخرة وقيل الدرجة ارتفاع منزلتهم عند الله والدرجات منازلهم في الجنة.
وقيل القاعدون الأول هم الأضراء والقاعدون الثاني هم الذين أذن لهم في التخلف اكتفاء بغيرهم. وقيل المجاهدون الأولون من جاهد الكفار والآخرون من جاهد نفسه كما ورد في الحديث رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
أقول: ويحتمل أن يكون المراد بالأول قوماً وبالآخر آخرين فان ما بين المجاهد والمجاهد لما بين السماء والأرض { وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً } يغفر لما عسى أن يفرّط منهم ويرحمهم باعطاء الثواب.