التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ
١١
فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
١٢
فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ
١٣
إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
١٤
فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ
١٥
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ
١٦
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٧
-فصلت

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (11) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ } قيل اي قصد نحوها من قولهم استوى الى مكان كذا توجّه توجّهاً لا يلوي الى غيره وثمّ لتفاوت ما بين الخلقين لا للتراخي في المدّة اذ لا مدّة قبل خلق السماء { وَهِىَ دُخَانٌ } ظلمانيّ { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا } شئتما ذلك أو ابيتما { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } منقادين بالذات تمثيل لتأثير قدرته فيهما وتأثّرهما بالذّات عنها بأمر المطاع واجابة المطيع الطائع كقوله كن فيكون او هو نوع من الكلام باطناً من دون حرف ولا صوت.
القمّي سئل الرضا عليه السلام عمّن كلّم الله لا من الجنّ ولا من الانس فقال السماوات والأرض في قوله ائتيا طوعاً او كرهاً قالتا أَتَيْنَا طَائعين.
{ (12) فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } فخلقهنّ خلقاً ابداعياً { فِى يَوْمَيْنِ } القمّي يعني في وقتين ابداء وانقضاء { وَأَوْحَى فِى كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا } شأنها وما يتأتّى منها بأن حملها عليه اختيار او طبعاً وقيل اوحى الى اهلها بأوامره.
والقمّي هذا وحي تقدير وتدبير { وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } بالنجوم { وَحِفْظًا } من الشيطان المسترق وسائر الآفات.
في الاكمال عن النبيّ صلّى الله عليه وآله النّجوم امان لأهل السماء فاذا ذهبت النجوم ذهب اهل السماء واهل بيتي امان لأهل الأرض فاذا ذهب أهل بيتي ذهب اهل الأرض { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم } البالغ في القدرة والعلم.
{ (13) فَإِنْ أَعْرَضُوا } عن الإيمان بعد هذا البيان.
القمّي وهم قريش وهو معطوف على قوله فأعرض اكثرهم فهم لا يسمعون { فَقُلْ { أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ }.
{ (14) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } اي من جميع جوانبهم واجتهدوا بهم من كلّ جهة او من جهة الدنيا بالانذار بما جرى على الكفار فيها ومن جهة الآخرة بالتحذير عما اعدّ لهم فيها والذين ارسلوا اليهم والذين ارسلوا من قبل { أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا } ارسال الرّسل { لأَنْزَلَ مَلاَئِكَةً } برسالته { فَإِنّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ } على زعمكم { كَافِرُونَ } اذ انتم بشر مثلنا لا فضل لكم علينا.
{ (15) فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِى الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } فتعظّموا فيها على اهلها بغير استحقاق { وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً } اغترّوا بقوّتهم وشوكتهم قيل كان من قوّتهم انّ الرجل منهم ينزع الصخرة فيقلعها بيده { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } قدرة { وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } يعرفون انّها حقّ وينكرونها.
{ (16) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا }.
القمّي عن الباقر عليه السلام الصرصر البارد { فِى أَيّامٍ نَحِسَاتٍ } قال مياشيم وقرئ بالسكون { لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لاَ يُنْصَرُونَ } بدفع العذاب عنهم.
{ (17) وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } فذلّلناهم على الحقّ بنصب الحجج وارسال الرسل { فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى } فاختاروا الضلالة على الهُدَى.
في التوحيد عن الصادق عليه السلام عرّفناهم فاستحبّوا العمى على الهدى وهم يعرفون.
وفي الاعتقادات عنه عليه السلام وجوب الطاعات وتحريم المعاصي وهم يعرفون { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }.