التفاسير

< >
عرض

إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
٣٣
أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ
٣٤
وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ
٣٥
فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٣٦
وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ
٣٧
وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
٣٨
وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ
٣٩
وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ
٤٠
وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ
٤١
إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٤٢
وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ
٤٣
-الشورى

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (33) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنُ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ } فيبقين ثوابت على ظهر البحر { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } لكل من وكل همّته وحبس نفسه على النظر في آيات الله والتفكر في آلائه او لكلّ مؤمن كامل الايمان فانّ الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر كما ورد في الحديث.
{ (34) أَوْ يُوبِقهُنَّ } أو يهلكهنّ يعني أهلها بارسال الرياح العاصفة المغرقة { بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ } بانجائهم.
{ (35) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى آيَاتِنَا } قيل عطف على علّة مقدرة مثل لينتقم منهم ويعلم وقرئ بالرفع على الاستيناف { مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ } محيد من العذاب.
{ (36) فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَىْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } تمتّعون به مدّة حياتكم { وَمَا عِنْدَ اللهِ } من ثواب الآخرة { خَيْرٌ وَأَبْقَى } لخلوص نفعه ودوامه { لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }.
{ (37) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ } وقرئ كبير الاثم وقد سبق تفسير الكبائر في سورة النساء { وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }.
والقمّي عن الباقر عليه السلام قال من كظم غيظاً وهو يقدر على امضائه حشا الله قلبه أمناً وايماناً يوم القيامة قال ومن ملك نفسه اذا رغب واذا رهب واذا غضب حرّم الله جسده على النار.
وفي هذا المعنى في الكافي وغيره اخبار كثيرة.
{ (38) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ } قبلوا ما امروا به والقمّي قال في اقامة الامام { وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } تشاور بينهم ولا ينفردون برأي حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه وذلك من فرط تيقّظهم في الامور.
والقمّي يشاورون الامام عليه السلام فيما يحتاجون اليه من امر دينهم كما قال الله ولو ردّوه الى الرسول والى اولي الامر منهم.
وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله ما من رجل يشاور احداً الاّ هدي الى الرّشد { وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } في سبيل الخير.
{ (39) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْىُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ } على ما جعله الله لهم كراهة التذلّل وهو وصفهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر امّهات الفضائل وهو لا ينافي وصفهم بالغفران فانّ الغفران ينبئ عن عجز المغفور والانتصار يشعر عن مقاومة الخصم والحلم عن العاجز محمود وعن المتغلب مذموم لأنّه اجراء واغراء على البغي.
{ (40) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } سمّى الثانية سيّئة للازدواج او لأنّها تسوء من تنزل به وهذا منع عن التعدي في الانتصار { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ } بينه وبين عدوّه { فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ } عدَة مبهمة تدل على عظم الموعود.
في المجمع عن النبي صلّى الله عليه وآله قال اذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان اجره على الله فليدخل الجنّة فيقال من ذا الذي اجره على الله فيقال العافون عن الناس يدخلون الجنّة بغير حساب.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله عليكم بالعفو فانّ العفو لا يزيد العبد الاّ عزّاً فتعافوا يعزّكم الله { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظّالِمِينَ } المبتدئين بالسّيّئة والمتجاوزين في الانتقام.
{ (41) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } بعدما ظلم { فَأولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } بالمعاتبة والمعاقبة.
في الخصال عن السجاد عليه السلام وحقّ من اساءك ان تعفو عنه وان علمت انّ العفو يضرّ انتصرت قال الله تعالى { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سبيل }.
وعن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله ثلاثة ان لم تظلمهم ظلموك السفلة والزّوجة والمملوك.
{ (42) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ } يبتدؤونهم بالاضرار ويطلبون ما لا يستحقونه تجبّراً عليهم ويبغون { فِى الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } على ظلمهم وبغيهم.
{ (43) وَلَمَنْ صَبَرَ } على الاذى { وَغَفَرَ } ولم ينتصر { إِنَّ فِى ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } اي انّ ذلك منه { لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ }.