التفاسير

< >
عرض

وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ
٣٩
أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٤٠
فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ
٤١
أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ
٤٢
فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٤٣
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ
٤٤
وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ
٤٥
-الزخرف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (39) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ } ما انتم عليه من التمنّي { إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِى الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ }.
القمّي عن الباقر عليه السلام نزلت هاتان الآيتان هكذا حتّى إِذَا جَاءَنَا يعني فلاناً وفلاناً يقول احدهما لصاحبه حين يراه { يَا لَيْتَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ القرين } فقال الله لنبيّه صلّى الله عليه وآله قل لفلان وفلان واتباعهما لن ينفعكم اليوم اذ ظلمتم آل محمد صلوات الله عليهم حقّهم انّكم في العذاب مشتركون.
{ (40) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِى العُمَى } انكار تعجّب من ان يكون هو الذي يقدر على هدايتهم بعد تمرّنهم على الكفر واستغراقهم في الضلال بحيث صار عشاهم عمىً مقروناً بالصّمم { وَمَنْ كَانَ فِى ضَلاَلٍ مُبِينٍ } عطف على العمى باعتبار تغاير الوصفين وفيه اشعار بانّ الموجب لذلك تمكّنهم في ضلال لا يخفى.
{ (41) فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ } اي فان قبضناك قبل ان ينصرك بعذابهم وما مزيدة للتأكيد { فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } بعدك.
{ (42) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِى وَعَدْنَاهُمْ } او ان اردنا ان نريك ما وعدناهم من العذاب { فَإِنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ } لا يفوتوننا.
في المجمع روي انّه صلّى الله عليه وآله اري ما يلقى ذرّيته من امّته بعده فما زال منقبضاً ولم ينبسط ضاحكاً حتّى لقي الله تعالى قال:
وروى جابر بن عبد الله الأنصاري قال انّي لأدناهم من رسول الله صلّى الله عليه وآله في حجّة الوداع بمنى حتّى قال لا الفينّكم ترجعون بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض وايم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم ثم التفت الى خلفه فقال او عليّ ثلاث مرّات فرأينا انّ جبرئيل غمزه فأنزل الله على اثر ذلك فأمّا نذهبنّ بك فانّا منهم منتقمون بعليّ بن ابي طالب.
أقولُ: انّما يكون ذلك في الرجعة.
والقمّي عن الصادق عليه السلام قال فامّا نذهبنّ بك يا محمد من مكّة الى المدينة فانّا رادّوك اليها ومنتقمون منهم بعليّ بن ابي طالب عليه السلام وقد سبق في هذا المعنى اخبار اخر في سورة المؤمنين.
{ (43) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }.
القمّي عن الباقر عليه السلام انّك على ولاية عليّ عليه السلام وعليّ هو الصراط المستقيم.
{ (44) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ }.
في الكافي عن الباقر عليه السلام نحن قومه ونحن المسؤولون.
وعن الصادق عليه السلام ايّانا عني ونحن اهل الذكر ونحن المسؤولون.
وعنه عليه السلام الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسؤولون.
وفي البصائر عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال رسول الله صلّى الله عليه وآله واهل بيته أهل الذكر وهم المسؤولون.
{ (45) وَاسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } هل حكمنا بعبادة الاوثان وهل جاءت في ملّة من مللهم.
في الكافي والقمّي عن الباقر عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية من ذا الّذي سأله محمد صلّى الله عليه وآله وكان بينه وبين عيسى خمسمأة سنة فتلا هذه الآية
{ { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ } [الإسرا: 1] قال فكان من الآيات التي اراها الله محمداً صلّى الله عليه وآله حين اسرى به الى البيت المقدّس ان حشر الله له الأوّلين والآخرين من النبيّين والمرسلين ثمّ امر جبرئيل فأذّن شفعاً واقام شفعاً ثم قال في اقامته حيّ على خير العمل ثمّ تقدّم محمّد صلّى الله عليه وآله فصلّى بالقوم فأنزل الله عليه واسأل من ارسلنا الآية فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله على ما تشهدون وما كنتم تعبدون فقالوا نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وانّك لرسول الله (ص) أخذت على ذلك مواثيقنا وعهودنا.
وفي الاحتجاج عن امير المؤمنين عليه السلام في حديث وامّا قوله واسئل من ارسلنا من قبلك من رسلنا فهذا من براهين نبيّنا التي آتاه الله ايّاها واوجب به الحجّة على ساير خلقه لأنّه لمّا ختم به الأنبياء وجعله الله رسولاً الى جميع الامم وساير الملل خصّه بالارتقاء الى السماء عند المعراج وجمع له يومئذ الأنبياء فعلم منهم ما ارسلوا به وحمّلوه من عزائم الله وآياته وبراهينه فأقرّوا اجمعين بفضله وفضل الاوصياء والحجج في الارض من بعده وفضل شيعة وصيّه من المؤمنين والمؤمنات الذين سلموا لاهل الفضل فضلهم ولم يستكبروا عن امرهم وعرف من اطاعهم وعصاهم من اممهم وسائر من مضى ومن غبر او تقدّم او تأخّر وقد سبق نظير هذين الخبرين في سورة يونس عليه السلام.