التفاسير

< >
عرض

فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ
٥٦
وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ
٥٧
وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ
٥٨
إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
٥٩
وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ
٦٠
-الزخرف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (56) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا } قدوة لمن بعدهم من الكفّار وقرئ سُلُفًا بضمّتين { وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ } وعِظة لهم.
{ (57) وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً } لعليّ بن ابي طالب عليه السلام حيث قيل انّ فيه شبهاً منه { إِذَا قَوْمُكَ } قريش { مِنْهُ } من هذا المثل { يَصدُّونَ } قيل اي يضجّون فرحاً لظنّهم انّ الرسول صار ملزماً به وقرئ بالضمّ من الصدود اي يصدون عن الحقّ ويعرضون عنه وقيل هنا لغتان.
وفي المعاني عن النبي صلّى الله عليه وآله انّه قال في هذه الآية الصدود في العربيّة الضّحك.
{ (58) وَقَالُوا ءَألِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ } وقرئ باثبات همزة الاستفهام { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً } ما ضربوا هذا المثل الاّ لأجل الجدل والخصومة لا لتمييز الحقّ عن الباطل { بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } شداد الخصومة حرّاص على اللّجاج.
{ (59) إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِى إِسْرَائِيلَ }
{ (60) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلاَئِكَةً فِى الأَرْضِ يَخْلُفُونَ } يخلفونكم الأرض يعني ان الله قادر على اعجب من ذلك.
في الكافي عن ابي بصير قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالس اذ اقبل امير المؤمنين عليه السلام فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله انّ فيك شبهاً من عيسى بن مريم لولا ان تقول فيك طوائف من امّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم عليه السلام لقلت فيك قولاً لا تمرّ بملأ من الناس الاّ اخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة قال فغضب الاعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدّة من قريش معهم فقالوا ما رضي ان يضرب لابن عمّه مثلاً الاّ عيسى بن مريم فأنزل الله على نبيّه ولمّا ضُرِبَ ابن مريم مثلاً الى قوله لجعلنا منكم يعني من بني هاشم { مَلاَئِكَة فِى الأرْضِ } يخلفون الحديث وقد مضى تمامه في سورة الأنفال.
والقمّي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله جالس في اصحابه اذ قال انّه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم عليه السلام فخرج بعض من كان جالساً مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ليكون هو الداخل فدخل عليّ بن ابي طالب عليه السلام فقال الرجل لبعض اصحابه اما رضي محمّد ان فضّل عليّاً علينا حتّى يشبّهه بعيسى بن مريم والله لالهتنا التي كنّا نعبدها في الجاهلية افضل منه فأنزل الله في ذلك المجلس { وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } فحرّفوها يَصُدُّونَ وقالوا ءَالِهَتُنَا خَير ام هو ما ضربوه لك الاّ جدلاً بل هم قوم خصمون ان عليّ عليه السلام الاّ عبد انعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني اسرائيل فنحّى اسمه عن هذا الموضع.
وفي المناقب عن النبي صلّى الله عليه وآله قال يدخل من هذا الباب رجل اشبه الخلق بعيسى فدخل عليّ فضحكوا من هذا القول فنزل ولمّا ضُرِبَ الآيات.
وفي المجمع عن امير المؤمنين عليه السلام قال جئت الى النبي صلّى الله عليه وآله يوماً فوجدته في ملأ من قريش فنظر اليّ ثم قال يا عليّ انّما مثلك في هذه الأمّة كمثل عيسى بن مريم احبّه قوم فافرطوا في حبّه فهلكوا وأبغضه قوم وافرطوا في بغضه فهلكوا واقتصد فيه قوم فنجوا فعظم ذلك عليهم وضحكوا وقالوا يشبّهه بالانبياء والرسل فنزلت هذه الآية، وفي التهذيب في دعاء يوم الغدير المرويّ عن الصادق عليه السلام فقد اجبنا داعيك النذير المنذر محمداً عبدك ورسولك الى عليّ بن ابي طالب عليه السلام الذي انعمت عليه وجعلته مثلاً لبني اسرائيل انّه امير المؤمنين عليه السلام ومولاهم ووليّهم الى يوم القيامة يوم الدين فانّك قلت ان هو الاّ عبد انعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني اسرائيل.