{ (3) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ } يخفضونها { عِندَ رَسُولِ اللَّهِ } مراعاة للادب
{ اُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى } جرّبها لها ومرنها عليها { لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } لذنوبهم
{ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } لغضّهم وساير طاعاتهم والتنكير للتعظيم.
{ (4) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُراتِ } من خارجها خلفها او قدّامها والمراد
حجرات نسائه صلّى الله عليه وآله { أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } اذ العقل يقتضي حسن الادب ومراعاة الحشمة لمن كان بهذا المنصب.
{ (5) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتّى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ } من الاستعجال والنداء
لما فيه من حفظ الادب وتعظيم الرسول الموجبين للثناء والثواب والاسعاف
بالمسؤول في اليهم اشعار بأنّه لو خرج لا لاجلهم ينبغي ان يصبروا حتّى يفاتحهم
بالكلام او يتوجّه اليهم { وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } حيث اقتصر على النصح والتقريع لهؤلاء
المسيئين الادب التاركين تعظيم الرسول.
{ (6) يَا َأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا } فتعرّفوا وتفحّصوا وقرىء بالثاء
المثلثة والباء الموحدة من التثبت.
ونسبها في المجمع الى الباقر عليه السلام يعني فتوقّفوا حتّى يتبيّن الحال { أَنْ
تُصِيبُوا } كراهة اصابتكم { قَوْماً بِجَهالَةٍ } جاهلين بحالهم { فَتُصْبِحُوا } فتصيروا { عَلى ما فَعَلْتُمْ
نَادِمِينَ } مغتمّين غمّاً لازماً متمنّين انّه لم يقع.
روي انّ النبيّ صلّى الله عليه وآله بعث وليد بن عقبة مصدّقاً الى بني المصطلق
وكان بينه وبينهم احنَة فلمّا سمعوا به استقبلوه فحسبهم مقاتليه فرجع وقال لرسول الله
صلّى الله عليه وآله قد ارتدّوا ومنعوا الزّكاة فَهَمَّ بقتالهم فنزلت ويؤيّد هذه الرواية ما
في الاحتجاج عن الحسن المجتبى عليه السلام في حديث قال وامّا انت يا وليد بن
عقبة فوالله ما الومك ان تبغض عليّاً وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة وقتل اباك صبراً
بيده يوم بدر ام كيف تسبّه فقد سمّاه الله مؤمناً في عشر آيات من القرآن وسمّاك فاسقاً
وهو قوله { إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا } الآية.
والقمّي نزل في عايشة حين رمت مارية القبطيّة واتّهتمها بجريح القبطي فأمر
رسول الله صلّى الله عليه وآله بقتل جريح ليظهر كذبها وترجع عن ذنبها وقد مضى
قصّتها في سورة النّور.
{ (7) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رََسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ } لوقعتم
في العنت وهو الجهد والهلاك وفيه اشعار بأن بعضهم اشار اليه بالايقاع ببني
المصطلق { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ
وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ } قيل هو خطاب للمؤمنين الذين لم يفعلوا ذلك ولم يكذّبوا
لغرضهم الفاسد تحسيناً لهم وتعريضاً بذمّ من فعل.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام الفسوق الكذب.
وفي الكافي والقمّي عن الصادق عليه السلام حبّب اليكم الايمان وزينّه في
قلوبكم يعني امير المؤمنين عليه السلام وكرّه اليكم الكفر والفسوق والعصيان يعني
الأوّل والثاني والثالث.
وفي المحاسن عنه عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية وقيل له هل للعباد فيما
حبّب الله صنع قال لا ولا كرامة.
وعنه عليه السلام الدّين هو الحبّ والحبّ هو الدين.
وفي الكافي عنه عليه السلام انّه سئل عن الحبّ والبغض أَمِنَ الايمان هو فقال
وهل الايمان الاّ الحبّ والبغض ثمّ تلا هذه الآية { أُولَئِكَ هُمُ الرّاشِدُونَ } يعني اولئك
الذين فعل الله بهم ذلك هم الذين اصابوا الطريق السويّ.