التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
٨
وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ
٩
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ
١٠
يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١١
وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ ٱلزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ
١٢
فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ
١٣
وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
١٤
-المائدة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (8) يَآ أيُّهَا الًَّذِينَ آمَنُوا كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِالْقِسْطِ } مرّ تفسيره { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ } ولا يحملنّكم { شَنَآنُ قَوْمٍ } شدّة عداوتهم وبغضهم { عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا } فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحلّ كمثلة وقذف وقتل نساءٍ وصبية ونقض عهد تشفّياً ممّا في قلوبكم { اعْدِلُواْ } في أوليائكم وأعدائكم { هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } فيجازيكم قيل تكرير هذا الحكم امَّا لاختلاف السبّب كما قيل انّ الأولى نزلت في المشركين وهذه في اليهود أو لمزيد الاهتمام بالعدل والمبالغة في إطفاءِ نائرة الغيظ.
{ (9) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }.
{ (10) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنآ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } قابَلَ الوعد بالوعيد وفاءً بحقّ الدّعوة.
{ (11) يَآ أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا } يبطشوا { إلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ } بالقتل والإهلاك والإِهلاك { فَكَفَّ أَيِْدِيَهُمْ عَنكُمْ } منعها أن تمدّ اليكم وردّ مضرّتها عنكم.
القميّ يعني أهل مكّة من قبل فتحها فكفّ أيديهم بالصّلح يوم الحديبيّة { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } فانّه الكافي لا يصال الخير ودفع الشَرّ.
{ (12)وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إسْرَآئيل وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً } كفيلاً أميناً شاهداً من كلّ سبط ينقب عن أحوال قومه ويفتشّ عنها ويعرف مناقبهم { وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ } بالنّصرة { لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُم بِرُسُليِ } وصدّقتموهم { وَعَزَّزْتُمُوهُمْ } ونصرتموهم وقوّيتموهم { وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } بالانفاق في سبيله { لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْري مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ } قيل أمر الله بني اسرائيل بعد هلاك فرعون بمصر بأن يسيروا الى أريحا من أرض الشّام وكان يسكنها الجبابرة وقال إنّي كتبتها لكم قراراً وأمرَ موسى عليه السّلام بأن يأخذ بيْن كلّ سبط نقيباً يكون كفيلاً على قومه بالوفاءِ بما أمروا به من الخروج الى الجبابرة والجهاد وقائداً ورئيساً لهم فاختار النّقباء وأخذ الميثاق على بني إسرائيل وتَكَفَّلَ لهم به وسار بهم فلما دنا من أرضهم بعث النّقباء يتجسّسون فرأوا اجراماً عظاماً وقوّة فرجعوا وأخبروا موسى بذلك فأمرهم أن يكتموا ذلك فحدّثوا بذلك قومهم الآكالب بن يوفنّا من سبط يهودا ويوشع بن نون من سبط افرائيم بن يوسف وكانا من النقباء.
{ (13)فَبمِا نَقْضِهِمْ مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ } طردناهم من رحمتنا { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } لا تنفعل عن الآيات والنّذر وقرىء قسيّة على المبالغة { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عِن مَّواضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً } تركوا نصيباً وافِراً { مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلاَ تَزالُ تَطّلِعُ عَلَى خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ } خيانة أو فرقة خائنة { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } لم يخونوا { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُِحِبُّ الْمُحْسِنينَ } حث على الصّفح القميّ منسوخة بقولِه اقتلوا المشركين.
{ (14) وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى } ادّعوا نصرة الله بالإِتِّسام بهذا الإِسم { أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ } كما أخذنا مّمن قبلهم من بني اسرائيل { فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فََأَغْرَيْنَا } فالزمنا { بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ } بالأفعال { وَالْبَغْضَاءَ } بالقلوب { إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } بالجزاءِ والعقاب.