التفاسير

< >
عرض

أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ
٢٤
مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ
٢٥
ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ
٢٦
قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ
٢٧
قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ
٢٨
مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
٢٩
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ
٣٠
وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ
٣١
هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ
٣٢
مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ
٣٣
ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ
٣٤
لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ
٣٥

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (24) أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ } قيل خطاب من الله للسّائق والشهيد.
والقمّي مخاطبة للنبيّ صلّى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام وذلك قول الصادق عليه السلام عليّ قسيم الجنّة والنار.
وعن السجاد عن ابيه عن جدّه امير المؤمنين عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله انّ الله تبارك وتعالى اذا جمع النّاس يوم القيامة في صعيد واحد كنت انا وانت يومئذ عن يمين العرش ثمّ يقول الله تبارك وتعالى لي ولك قوما فألقيا من ابغضكما وكذّبكما في النار.
وفي المجمع والامالي من طريق العامّة مثله وزاد وأدخلا الجنّة من احبّكما وذلك قوله تعالى { أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ }.
وفي رواية اخرى في الامالي قال نزلت فيّ وفيك يا ابن ابي طالب الحديث.
{ (25) مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ } كثير المنع للمال عن حقوقه المفروضة { مُعْتَدٍ } متعدّ { مُرِيبٍ } شاكّ في الله وفي دينه.
{ (26) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشّدِيدِ }.
{ (27) قَالَ قَرِينُهُ } اي الشيطان المقيّض له { رَبَّنا مَا أَطْغَيْتُهُ } كأنّ الكافر قال هو اطغاني فقال قرينه ما اطغيته { وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } فأعنته عليه فانّ اغواء الشيطان انّما يؤثّر فيمن كان مختلّ الرأي مايلاً الى الفجور كما قال وما كان لي عليكم من سُلطان الاّ ان دعوتكم فاستجبتم لي القمّي قال المنّاع الثاني والخير ولاية عليّ عليه السلام وحقوق آل محمد صلوات الله عليهم ولمّا كتب الأوّل كتاب فدك بردّها على فاطمة عليها السلام منعه الثاني فهو معتد مريب { الَّذي جَعَلَ مَعَ الِلَّهِ إِلهاً آخر } قال هو ما قال نحن كافرون بمن جعل لكم الامامة والخمس وامّا قوله قال وقرينه اي شيطانه وهو الثاني ربّنا ما اطغيته يعني الأوّل.
{ (28) قالَ } اي الله { لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ } اي في موقف الحساب فانّ لا فائدة فيه { وقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ } على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسُلي فلم يبق لكم حجّة.
{ (29) ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ } بوقوع الخلف فيه وعفو بعض المذنبين لبعض الاسباب ليس من التبديل لأنّه انّما يكون عمّن قضى بالعفو عنه فهو ايضاً ممّا لا يبّدل لديه { وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلعَبِيدِ } فاعذّب من ليس لي تعذيبه.
{ (30) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ } وقرىء بالياء { هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } قيل سؤال وجواب جيء بهما للتخييل والتصوير والمعنى انّها مع اتساعها تطرحُ فيها الجنّة والنّاس فوجاً فوجاً حتى تمتلي لقوله لأملأنّ جهنّم وانّها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها بعد فراغ وانّها من شدّة زفيرها وحدّتها وتشبّثها بالعصاة كالمستكثر لهم والطّالب لزيادتهم والقمّي قال هو استفهام لأنّ الله وعد النار ان يملأها فتمتلي النّار ثمّ يقول لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد على حدّ الاستفهام اي ليس في مزيد قال فتقول الجنّة يا ربّ وعدت النّار ان تملأها ووعدتني ان تملأني فلم تملأني وقد ملأت النار قال فيخلق الله يومئذ خلقاً فيملأ بهم الجنّة فقال ابو عبد الله عليه السلام طوبى لهم لم يروا غموم الدنيا وهمومها.
{ (31) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ } قربت لهم { غَيْرَ بَعِيدٍ } مكاناً غير بعيد القمّي ازلفت اي زيّنت غير بعيد قال بسرعة.
{ (32) هذَا مَا تُوعَدُونَ } على اضمار القول وقرىء بالياء { لِكُلِّ أَوَّابٍ } رجّاع الى الله بدل من المتّقين باعادة الجارّ { حَفِيظٍ } حافظ لحدوده.
{ (33) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ }.
{ (34) ادْخُلُوها } يقال لهم ادخلوها { بِسَلامٍ } سالمين من العذاب وزوال النعم أو مسلّماً عليكم من الله وملائكته { ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ }.
{ (35) لَهُمْ ما يَشَآؤُونَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ } وهو ما لا يخطر ببالهم ممّا لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر القمّي قال النظر الى رحمة الله وقد مضى في سورة السجدة ولقمان عليه السلام حديث في معنى هذه الآية.