التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ
٤
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ
٥
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ
٦
خُشَّعاً أَبْصَٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ
٧
مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ
٨
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ
٩
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ
١٠
فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ
١١
وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
١٢
وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
١٣
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
١٤
وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٥
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٦
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٧
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٨
إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ
١٩
-القمر

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (4) وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } اي متّعظ من تعذيب او وعيد.
{ (5) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ } غايتها لا خلل فيها { فَما تُغْنِ النُّذُرُ } نفي او استفهام انكار.
{ (6) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } لعلمك انّ الانذار لا ينجع فيهم { يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ } فظيع تنكره النفوس لأنّها لم تعهد مثله القمّي قال الامام عليه السلام اذا خرج يدعوهم الى ما ينكرون وقيل هو هول يوم القيامة ويأتي ما يؤيدّه وقرىء نكر بالتخفيف.
{ (7) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ } اي يخرجون من قبورهم { خاشعةً } ذليلةً ابصارهم من الهول { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ } في الكثرة والتمّوج والانتشار في الامكنة.
{ (8) مُهْطِعِينَ إِلى الدّاعِ } مسرعين مادي اعناقهم اليه او ناظرين اليه القمّي اذا رجع فيقول ارجعوا { يَقُوُلُ الْكَافِرُونَ هذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } صعب.
في الكافي عن السجّاد عن ابيه عن امير المؤمنين عليهم السلام في حديث يوم القيامة قال فيشرف الجبّار تبارك وتعالى عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة فيأمر ملكاً من الملائكة فينادي فيهم يا معشر الخلائق انصتوا واسمعوا منادي الجبّار قال فيسمع آخرهم كما يسمع اوّلهم قال فتنكسر اصواتهم عند ذلك وتخشع ابصارهم وتضطرب فرائصهم وتفزع قلوبهم ويرفعون رؤوسهم الى ناحية الصوت مهطعين الى الدّاع قال فعند ذلك يقول الكافر هذا يوم عَسِيرٌ.
{ (9) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } قبل قومك { قَوْمُ نُوحٍ فَكذَّبُوا عَبْدَنا } نوحاً { وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرْ } وزجر عن التبليغ بانواع الاذيّة القمّي اي اذوه وارادوا رجمه.
{ (10) فَدَعا رَبّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ } فانتقم لي منهم وذلك بعد يأسه منهم.
في الكافي عن الباقر عليه السلام قال لبث فيهم نوح الف سنة الاّ خمسين عاماً يدعوهم سرّاً وعلانية فلمّا ابوا عتوا قال ربّ انّي مغلوب فانتصر.
{ (11) فَفَتَحْنَا أَبْوابَ السَّمَاءِ بِمَآءٍ مُنْهَمِرٍ } منصبّ وهو مبالغة وتمثيل لكثرة الامطار وشدّة انصبابها.
{ (12) وَفَجَّرْنا الأَرْضَ عُيُوناً } وجعلنا الأرض كلّها كأنّها عيون منفجرة واصله وفجّرنا عيون الأرض فغيّر للمبالغة { فَالْتَقَى الْمآءُ } ما ء السماء وما ء الأرض { عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } قدّره الله عزّ وجلّ.
في الكافي عن الصادق عن امير المؤمنين عليهما السلام قال لم تنزل قطرة من السماء من مطر الاّ بعدد معدود ووزن معلوم الاّ ما كان من يوم الطّوفان في عهد نوح عليه السلام فانّه نزل ماء منهمر بلا وزن ولا عدد.
{ (13) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْواحٍ } ذات اخشاب عريضة { وَدُسُرٍ } القمّي قال الألواح السّفينة والدّسر المسامير قال وقيل الدّسر ضرب من الحشيش شدّ به السّفينة.
{ (14) تَجْرِي بأَعْيُنِنَا } بمرأىً منّا القمّي بأمرنا وحفظنا { جَزآءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ } اي فعلنا ذلك جزاء لنوح لأنّه نعمة كفروها فانّ كلّ نبيّ نعمة من الله ورحمة على امّته.
{ (15) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيةً } يعبّر بها اذ شاع خبرها { فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } معتبر.
{ (16) فَكَيْفَ كَانَ عَذابِي وَنُذُرٍ } انذاراتي او رسلي وقد مضى تمام هذه القصّة في سورة هود.
{ (17) وَلَقَدْ يَسَّرْنا الْقُرْآنَ } سهّلناه { لِلذِّكْرِ } للاذكار والاتّعاظ لمن يذّكر بأن صرّفنا فيه انواع المواعظ والعبر { فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر } متّعظ.
{ (18) كَذَبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذابِي وَنُذُرِ } وانذار أتى لهم بالعذاب قبل نزوله.
{ (19) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } باردة { فِي يَوْمِ نَحْسٍ } شؤم { مُسْتَمِرٍّ } اي مستمّر شؤمه الى مثله.
في العلل عن الصادق عليه السلام الاربعاء يوم نحس مستمّر لأنّه اوّل يوم وآخر يوم من الأيّام الّتي قال الله عزّ وجلّ سخّرها عليهم سبع ليال وثمانية ايّام حسوماً.
وفي العيون برواية الرضا عليه السلام عن امير المؤمنين عليه السلام.
وفي المجمع برواية العيّاشي عن الباقر عليه السلام انّه كان في يوم الاربعاء وزاد العيّاشي في آخر الشهر لا يدور.
وفي الفقيه والخصال عن الباقر عليه السلام انّ لله عزّ وجلّ جنودا من الرّيح يعذّب بها من عصاه موكّل بكلّ ريح منهنّ ملك مطاع فاذا اراد الله عزّ وجلّ ان يعذّب قوماً بعذاب اوحى الله الى الملك الموكّل بذلك النوع من الريح الذي يريد ان يعذّبهم به فيأمرها الملك فتهيّج كما يهيّج الاسد المغضب ولكلّ ريح منهنّ اسم اما تسمع لقول الله عزّ وجلّ انّا ارسلنا عليهم ريحاً صرصراً في يوم نحس مستمّر وفي الكافي ما في معناه.