التفاسير

< >
عرض

وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ
٢٧
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٢٨
يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ
٢٩
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٠
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ
٣١
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٢
يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ
٣٣
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٤
يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ
٣٥
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٦
فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ
٣٧
-الرحمن

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (27) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ } ذو الاستغناء المطلق والفضل العام وذلك لأنّك اذا استقريت جهات الموجودات وتصفّحت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حدّ ذاتها الاّ وجه الله اي الوجه الذي يلي جهته والقمّي كلّ من عليها فان قيل من على وجه الأرض ويبقى وجه ربّك قال دين ربّك.
وعن السجّاد عليه السلام نحن وجه الله الّذي يؤتى منه.
وفي المناقب عن الصادق عليه السلام ويبقى وجه ربّك قال نحن وجه الله.
وفي التوحيد عن الجواد عليه السلام في حديث واذا افنى الله الاشياء افنى الصّور والهجا ولا ينقطع ولا يزال من لم يزل عالماً.
{ (28) فَبِأَيِّ آلآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبانِ }.
{ (29) يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } فانّهم مفتقرون اليه في ذواتهم وصفاتهم وسائر ما يهمّهم ويعنّ لهم والمراد بالسؤال ما يدلّ على الحاجة الى تحصيل الشيء نطقاً كان او غيره { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } من احداث بديع لم يكن كذا.
عن امير المؤمنين عليه السلام في خطبة رواها في الكافي والقمّي قال يحيي ويميت ويرزق ويزيد وينقص.
وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله في هذه الآية قال من شأنه ان يغفر ذنباً ويفرّج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين قيل هو ردٌّ لقول اليهود انّ الله لا يقضي يوم السّبت شيئاً او انّه قد فرغ من الامر.
{ (30) فَبِأَيِّ آلآءِ رَبِكُّما تُكَذِّبانِ }.
{ (31) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ } وقرىء بالياء قيل اي سنتجرّد بحسابكم وجزائكم وذلك يوم القيامة فانّه ينتهي يومئذ شؤون الخلق كلّها فلا يبقى الاّ شأن واحد وهو الجزاء فجعل ذلك فراغاً على سبيل التمثيل وقيل تهديد مستعار من قولك لمن تهدّده سافرغ لك فانّ المتجرّد للشّيء كان اقوى عليه واجدّ فيه والثّقلان الجنّ والانس.
والقمّي قال نحن وكتاب الله والدّليل على ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وآله انّي تاركٌ فيكم الثّقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي.
{ (32) فَبِأَيِّ آلآءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ }.
{ (33) يا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَات ِوَالأَرْضِ } ان قدرتم ان تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من الله فارّين من قضائه { فانفُذُوا } فاخرجوا { لا تَنفُذُونَ } لا تقدرون على النّفوذ { إلاَّ بِسُلْطانٍ } الاّ بقوّة وقهر وأنّى لكم ذلك او إن قدرتم ان تنفذوا لتعلموا ما في السماوات والأرض فانفذوا لتعلموا لكن لا تنفذون ولا تعلمون الا ببيّنة نصبها الله فتعرجون عليها بأفكاركم كذا قيل وفي المجمع قد جاء في الخبر يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثم ينادون يا معشر الجنّ الانس ان استطعتم الى قوله شواظ من نار.
وعن الصادق عليه السلام اذا كان يوم القيامة جمع الله العباد في صعيد واحد وذلك انّه يوحي الى السماء الدّنيا ان اهبطي بمن فيك فيهبط اهل السماء الدّنيا بمثلي من في الأرض من الجنّ والانس والملائكة ثمّ يهبط اهل السماء الثانية بمثل الجميع مرّتين فلا يزالون كذلك حتّى يهبط اهل سبع سماوات فتصير الجنّ والانس في سبع سرادقات من الملائكة ثمّ ينادي مناد يا مَعْشَرَ الجنّ والانس ان استطعتم الآية فينظرون فاذا قد احاط بهم سبعة اطواق من الملائكة والقمّي ما يقرب منه وقد مرّ في سورة البقرة عند قوله تعالى
{ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ } [البقرة: 210].
{ (34) فَبِأَيِّ آلآءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ }.
{ (35) يُرْسِلُ عَلَيكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارِ وَنُحاسٌ } دخان او صفر مذاب يصب على رؤوسهم وقرىء بكسر السين وهو لغة ونحاس بالجر { فَلاَ تَنتَصِرَانِ } فلا تمتنعان، { (36) فَبِأَيِّ آلآءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ }.
{ (37) فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكانَتَ وَرْدَةً } قيل اي حمراء كوردة النّبات او كلون الفرس الورد وهوالأبيض الّذي يضرب الى الحمرة او الصّفرة او الغبرة ويختلف في الفصول والوردة واحدة الورد فشبّه السماء يوم القيامة في اختلاف الوانها بذلك { كَالدِّهانِ } قيل كالدهان الّتي يصبّ بعضها فوق بعض بألوان مختلفة وقيل مذابة كالدّهن وهو اسم لما يدهن به او جمع دهن وقيل هو الأديم الأحمر.