التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَانشُزُواْ يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١١
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٣
-المجادلة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ } توسّعوا فيها وليفسح بعضكم عن بعض من قولهم افسح عنّي اي تنحّ قيل كانوا يتضامّون بمجلس النبيّ صلّى الله عليه وآله تنافساً على القرب منه وحرصاً على استماع كلامه وقرىء في المجلس { فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ } فيما تريدون التفسّح به من المكان والرّزق والصدر وغيرها { وَإِذَا قِيلَ انشِزُوا } انهضوا للتوسعة { فانشِزُوا } وقرىء بضمّ الشّين فيهما القمّي قال كان رسول الله صلّى الله عليه وآله اذا دخل المسجد يقوم له النّاس فنهاهم الله ان يقوموا له فقال تفسّحوا اي وسّعوا له في المجلس واذا قيل انشزوا فانشزوا يعني اذا قال قوموا فقوموا { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ } بالنصر وحسن الذكر في الدنيا وايوائهم غرف الجنّات في الآخرة { وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } ويرفع العلماء منهم خاصّة مزيد رفعة.
في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله فضل العالم على الشهيد درجة وفضل الشهيد على العابد درجة وفضل النبيّ على العالم درجة وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه وفضل العالم على سائر الناس كفضلي على ادناهم وفي الجوامع عنه صلّى الله عليه وآله فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر عليه سائر الكواكب وعنه صلّى الله عليه وآله بين العالم والعابد مأة درجة بين كلّ درجتين حضر الجواد المضمر سبيعن سنة وعنه صلّى الله عليه وآله تشفع يوم القيامة ثلاثة الانبياء ثمّ العلماء ثمّ الشهداء.
وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام اذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد ووضعت الموازين فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجّح مداد العلماء على دماء الشهداء.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام عالم ينتفع بعلمه افضل من سبعين الف عابد والاخبار في هذا المعنى اكثر من ان تحصى { وَاللَّهُ بِمَا تَعْملُونَ خَبِيرٌ } تهديد لمن لم يمتثل الامر واستكرهه.
{ (12) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } فتصدّقوا قدّامها مستعار ممّن له يدان وفي هذا الأمر تعظيم الرسول وانفاع الفقراء والنّهي عن الافراط في السؤال والميز بين المخلص والمنافق ومحبّ الآخرة ومحبّ الدينا والقمّي قال اذا سألتم رسول الله صلّى الله عليه وآله حاجة فتصدّقوا بين يدي حاجتكم ليكون اقضى لحوائجكم فلم يفعل ذلك أحدّ الاّ امير المؤمنين عليه السلام فانّه تصدّق بدينار وناجى رسول الله صلّى الله عليه وآله عشر نجوات.
وعن الباقر عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال قدّم عليّ بن ابي طالب عليه السلام بين يدي نجواه صدقة ثم نسختها قوله { ءَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدَّمُوا } الآية وباسناده الى مجاهد قال قال عليّ عليه السلام انّ في كتاب الله لآية ما عمل بها احد قبلي ولا يعمل بها احد بعدي آية النّجوى انّه كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فجعلت اقدّم بين يدي كلّ نجوى اناجيها النبيّ صلّى الله عليه وآله درهماً قال فنسختها قوله { ءَأَشْفَقْتُمْ } إِلى قَوله { خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ }.
وفي الخصال عنه عليه السلام في احتجاجه على ابي بكر قال فانشدك بالله انت الذي قدّم بين يدي نجواه لرسول الله صلّى الله عليه وآله صدقة فناجاه وعاتب الله تعالى قوماً فقال { ءَأَشْفَقْتُمْ } الآية ام انا قال بل انت { ذلِكَ } اي ذلك التصدّق { خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ } لأنفسكم من الزينة وحبّ المال { فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } لمن لم يجد حيث رخّص له في المناجات بلا تصدّق.
{ (13) ءَأَشْفَقْْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَكُمْ صَدَقَاتٍ } اخفتم الفقر من تقديم الصدقة او خفتم التقديم لما يعدكم الشيطان عليه من الفقر وجمع صدقات لجمع المخاطبين او لكثرة التناجي { فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ } بأن رخّص لكم ان لا تفعلوه.
في الخصال عن اميرالمؤمنين عليه السلام في هذه الآية فهل تكون التوبة الاّ عن ذنب { فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } ولا تفرّطوا في أدائهما { وَأطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } في سائر الامور لعلّها تجبر تفريطكم في ذلك { وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ } ظاهراً وباطناً.