التفاسير

< >
عرض

قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
١
ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
٢
وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
٣
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٤
-المجادلة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (1) قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا } تراجعكما الكلام { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } للأقوال والأحوال.
{ (2) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ } الظهار ان يقول الرجل لامرأته انت عليّ كظهر امّي مشتقّ من الظهر وقرىء يظهرون من اظهر ويظاهرون من ظاهر { ما هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ } على الحقيقة { إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ الاّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } لما سلف منه.
{ (3) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمًَّ يَعُودُونَ لِما قَالُوا } قيل اي الى قولهم بالتدارك بنقض ما يقتضيه ويأتي له تفسير آخر عن قريب { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَماسّا ذلِكُمْ تَوعَظُونَ بِهِ } لكي ترتدعوا عن مثله { وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } لا يخفى عليه خافية.
{ (4) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ } الرقبة { فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ } بأن يصوم شهراً ومن الآخر شيئاً متّصلاً به يتمّ الآخر متوالياً او متفرّقاً { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَماسّا } بالمجامعة { فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ } الصيام من مرض او عطاش او نحو ذلك { فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً } بقدر شبعهم او اعطاء مدّ لكلّ مسكين { ذلِكَ لِتؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } فرض ذلك لتصدّقوا بالله ورسوله في قبول شرايعة ورفض ما كنتم عليه في جاهليّتكم { وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } لا يجوز تعدّيها { وَلِلْكَافِرِينَ } الذين لا يقبلونها { عَذابٌ أَلِيمٌ } القمّي قال كان سبب نزول هذه الآية انّه اوّل من ظاهر في الاسلام كان رجلاً يقال له اوس بن الصامت بن الانصار وكان شيخاً كبيراً فغضب على اهله يوماً فقال لها انت عَلَيّ كظهر امّي ثم ندم على ذلك قال وكان الرجل في الجاهليّة اذا قال لأهله انت عليّ كظهر امّي حرمت عليه آخر الأبد وقال اوس لأهله يا خولة انّ كنّا نحرّم هذا في الجاهليّة وقد اتانا الله بالاسلام فاذهبي الى رسول الله صلّى الله عليه وآله فاسألي عن ذلك فأتت خولة رسول الله صلّى الله عليه وآله فقالت بأبي أنت وأمّي يا رسول الله انّ اوس بن الصامت هو زوجي وابو ولدي وابن عمّي فقال لي انت عليّ كظهر امّي وانّا نحرّم ذلك في الجاهليّة وقد اتانا الله بالإِسلام بك.
وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام ما في معناه وزاد في آخره فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله ايّتها المرأة ما اظنّك الاّ وقد حرمت عليه فرفعت المرأة يدها الى السماء فقالت اشكو الى الله فراق زوجي فأنزل الله يا محمّد قد سمع الله الى قوله لعفوّ غفور قال ثم انزل الله الكفّارة في ذلك فقال { وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ } إِلى { عَذابٌ أَلِيمٌ }.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انّ امير المؤمنين عليه السلام قال انّ امرأة من المسلمات اتت النبيّ صلّى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله انّ فلاناً زوجي وقد نثرت له بطني واعنته على دنياه وآخرته لم يرمنّي مكروهاً اشكوه الى الله وإليك فقال ممّا تشكينه فقالت انّه قال انت عليّ حرام كظهر امّي وقد اخرجني من منزلي فانظر في امري فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله ما انزل الله تبارك وتعالى كتاباً اقضي فيه بينك وبين زوجك وانا اكره ان اكون من المتكلّفين فجعلت تبكي وتشتكي ما بها الى الله عزّ وجلّ والى رسول الله صلّى الله عليه وآله وانصرفت قال فسمع الله تبارك وتعالى مجادلتها لرسول الله صلى الله عليه وآله في زوجها وما شكت إليه فأنزل الله عز وجل في ذلك قُرآناً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما يعني محاورتها لرسول الله صلّى الله عليه وآله في زوجها انّ الله سميع بصير الَّذين يظاهرون منكم الآية قال فبعث رسول الله صلّى الله عليه وآله الى المرأة فأتته فقال لها جيئيني بزوجك فأتت به فقال اقلت لامرأتك هذه انت عَلَيَّ حرام كظهر امّي فقال قد قلت لها ذلك فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله قد انزل الله تبارك وتعالى فيك وفي امرأتك قرآناً فقرأ عليه ما انزل الله قد سمع الله الى قوله لعفوّ غفور ثم قال فضمّ اليك امرأتك فانّك قد قلت منكراً من القول وزوراً وقد عفا الله عنك وغفر لك ولا تعد قال فانصرف الرجل وهو نادم على ما قاله لامرأته وكره الله عزّ وجلّ ذلك للمؤمنين بعد وانزل الله الذين يظاهرون من نسائهم ثمّ يعودون لما قالوا قال يعني ما قال الرجل الأول لامرأته انت عليّ كظهر امّي قال فمن قالها بعد ما عفا الله وغفر للرجل الأول فانّ عَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قبْلِ أَنْ يَتَماسّا } يعني مجامعتها ذلكم توعظون به وّاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ قال فمن لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ يعني مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَماسّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فإِطْعامُ سِتّين مِسْكِيناً قال فجعل الله عقوبة من ظاهر بعد النهي هذا ثمّ قال ذلك لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ قال هذا حدّ الظهّار ثم قال عليه السلام ولا يكون ظهار في يمين ولا في اضرار ولا في غضب ولا يكون ظهار الاّ على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين.
والقمّي عن الباقر عليه السلام قال ان امرأة الحديث بأدنى تفاوت في الفاظه.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انّه سئل عن رجل مملك ظاهر من امرأته قال لا يكون ظهار ولا ايلاء حتّى يدخل بها وتفاصيل احكام الظهار تطلب من كتب الأخبار.