التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ
٢
-الحشر

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (1) سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَما فِي الأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكيمُ }.
{ (2) هُوَ الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرَوُا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ } اى لاوّل جلائهم الى الشّام وآخر حشرهم اليه يكون في الرّجفة كما مرّت الاشارة اليه في سورة الدّخان والحشر اخراج وجمع من مكان الى اخر.
في المجمع عن ابن عبّاس قال لهم النبيّ صلّى الله عليه وآله اخرجوا قالوا الى اين قال الى ارض المحشر.
والقمّى عن الحسن المجتبى عليه السّلام في حديث ملك الرّوم ثم يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب ويتبعهما بريحين شديدين فيحشر النّاس عند صخرة بيت المقدّس والقمّى قال سبب ذلك انّه كان بالمدينة ثلثة ابطن من اليهود بني النّضير وقريظة وقينقاع وكان بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وآله عهد ومدّة فنقضوا عهدهم وكان سبب ذلك بنى النّضير في نقض عهدهم انّه اتاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله يسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من اصحاب غيلة يعني يستقرض وكان قصد كعب بن الاشرف فلمّا دخل على كعب قال مرحبا يا ابا القاسم واهلاً وقام كانه يصنع له الطّعام وحدث نفسه ان يقتل رسول الله صلّى الله عليه وآله ويتبع اصحابه فنزل جبرئيل فاخبره بذلك فرجع رسول الله صلّى الله عليه وآله الى المدينة وقال لمّحمد بن مسيلمة الانصّارى اذهب الى بنى النّضير فاخبرهم انّ الله تعالى قد اخبرني بما هممتم به من الغدر.
فامّا ان تخرجوا من بلدنا وامّا ان تاذنوا بحرب فقالوا نخرج من بلادك فبعث اليهم عبد الله ابن ابّي الاّ تخروجوا وتقيموا وتنابذوا محّمد الحرب فانّى انصركم انا وقومى وحلفائى فان خرجتم خرجت معكم وان قاتلتم قاتلت معكم فاقاموا فاصلحوا حصُونهم وتهيّؤا للقتال وبعثوا الى رسول الله صلّى الله عليه وآله انا لا نخرج فاصنع ما انت صانع فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وكبّر اصحابه وقال لامير المؤمنين عليه السّلام تقدّم الى بني النّضير فاخذ امير المؤمنين عليه السّلام الراية وتقدّم وجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله واحاط بحصنهم وغدر بهم عبّد الله بن ابّي وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله اذا ظهر بمقدّم بيوتهم حصّنوا ما يليهم وخرّبوا ما يليه وكان الرّجل منهم ممن كان بيت حسن حزبه وقد كان امر رسول الله صلّى الله عليه وآله امر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك وقالوا يا محّمد انّ الله يأمرك بالفساد ان كان لك هَذا فخذوه وان كان لنا فلا تقطعه فلمّا كان بعد ذلك قالوا يا محّمد نخرج من بلادك فاعطنا ما لنا فقال لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإِبل فلم يقبلوا ذلك فبقوا أيّاماً ثمّ قالوا نخرج ولنا ما حملت الإِبل فقال لا يحمل احد منكم شيئاً فمن وجَدنا معه شيء من ذلك قتلناه فخرجوا على ذلك ووقع قوم منهم الى فدك ووادى القرى وخرج قوم منهم الى الشام فانزل الله فيه { هُو الَّذي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَروا } الآيات { مَا ظَنَنتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا } لشدّة بأسهم ومنعتهم { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ } انّ حصونهم تمنعهم من باس الله { فَأَتَاهُمُ اللَّهُ } اى عذابه وهو الرّعب والاضطرار الى الجلاء.
في التَوحيد عن امير المؤمنين عليه السّلام يعني ارسل عليهم عذاباً { مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا } القّوة وثوقهم { وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرّعْبَ } واثبت فيها الخوف الّذى يرعبها اى يملأها { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ } ضنّا بها على المسلمين واخراجا لما استحسنوا من آلاتها { وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ } وانهم ايضاً كانوا يخربون ظواهرها نكاية وتوسيعا لمجال القتال وعطفها على ايديهم من حيث انّ تخريب المؤمنين مسبّب عن بغضهم فكانهم استعلموهم فيه وقرء يخرّبون بالتّشديد وهو ابلغ { فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِى الأبْصَارِ } فاتّعظوا بحالهم فلا تغدروا ولا تعتمدوا على غير الله.