التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١١
لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ
١٢
لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
١٣
لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ
١٤
كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٥
كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦
فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ
١٧
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٨
وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
١٩
لاَ يَسْتَوِيۤ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ
٢٠
لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
٢١
هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ
٢٢
-الحشر

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (11) أَلمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا } القمّى نزلت في ابن ابّي واصحابه { يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ } يعنى بني النّضير { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ } من دياركم { لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ } في قتالكم او خذلانكم { أَحَداً أَبَداً } اى من رسول الله صلّى الله عليه وآله والمسلمين { وَإِنْ قُوتِلتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } لعلمه بانّه لا يفعلون ذلك.
{ (12) لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ ولَئِنْ قُوتِلُوا لاَ يَنْصُرُونَهُمْ } وكان ذلك فانّ ابن ابىّ واصحابه ارسلوا بني النّضير بذلك ثمّ اخلفوهم كما مرّ في اوّل السّورة { وَلَئِن نَصَرُوهُمْ } على الفرض والتقدير { لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ } انهزاما { ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ } بعد.
{ (13) لأَنتُمْ أَشَدُ رَهْبَةً } مرهوبين { فِي صُدُورِهِمْ } فانّهم كانوا يضمرون مخافتهم من المؤمنين { مِنَ اللَّهِ } على ما يظهرونه نفاقاً { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ } لا يعلمون عظمة الله حتّى يخشوه حقّ حشيته ويعلموا انّه الحقيق بأنُ يخشى.
{ (14) لاَ يُقاتِلُونَكُمْ } اليهود والمنافقون { جَمِيعاً } مجتمعون { إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ } بالدروب والخنادق { أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } لفرط رهبتهم وقرىء جدار { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } اي وليس ذلك لضعفهم وجبنهم فانّه يشتدّ بأسهم اذا حارب بعضهم بعضاً بل لقذف الله الرعب في قلوبهم ولأنّ الشجاع يجبن والعزيز يذلّ اذا حارب الله ورسوله { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } مجتمعين متفقين { وَقُلُوبُهُمْ شَتّى } متفرّقة لافتراق عقايدهم واختلاف مقاصدهم { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ } ما فيه صلاحهم وانّ تشتّت القلوب يوهن قواهم.
{ (15) كَمَثَلِ الِّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } القمّي يعني بني قينقاع { قَريباً } في زمان قريب { ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ } سوء عاقبة كفرهم في الدنيا { وََلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة.
{ (16) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ } اي مثل المنافقين في اغراء اليهود على القتال ثم نكوصهم كمثل الشيطان القمّي ضرب الله في ابن ابيّ وبني النضير مثلاُ فقال كمثل الشيطان { إِذْ قالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ } اغراه للكفر اغراء الامر المأمور { فَلَمّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنكَ } تبرّأ منه مخافة ان يشاركه في العذاب ولم ينفعه ذلك وقال { إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ }.
{ (17) فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ }.
{ (18) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } ليوم القيامة سمّاه به لدنوّه او لأنّ الدنيا كيوم والآخرة غده وتنكيره للتعظيم { وَاتَّقُوا اللَّهَ } تكرير للتّأكيد { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ } وهو كالوعيد على المعاصي.
{ (19) وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ } نسوا حقّه { فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } فجعلهم ناسين لها حتّى لم يسمعوا ما ينفعها ولم يفعلوا ما يخلّصها { أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } الكاملون في الفسوق.
{ (20) لاَ يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ } الذي استمهنوا انفسهم فاستحقوا النار والذين استكملوها فاستأهلوا للجنّة { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ } بالنعيم المقيم.
في العيون عن الرضا عليه السلام انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله تلا هذه الآية فقال اصحاب الجنّة من اطاعني وسلّم لعليّ بن ابي طالب عليه السلام بعدي واقرّ بولايته واصحاب النّار من سخط الولاية ونقض العهد وقاتله بعدي.
{ (21) لَوْ أَنزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } متشقّقاً منها قيل تمثيل وتخيّل كما مرّ في قوله انّا عرضنا الامانة والمراد توبيخ الانسان على عدم تخشّعه عند تلاوة القرآن لقساوة قلبه وقلّة تدبرّه { وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }.
{ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } قيل اي ما غاب عن الحسّ وما حضر له أو المعدوم والموجود او السرّ والعلانيّة.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام الغيب ما لم يكن والشهادة ما كان { هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }.