التفاسير

< >
عرض

لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ
٨
وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٩
وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٠
-الحشر

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (8) لِلفُقَرآءِ الْمُهَاجِرِينَ } الّذين هاجروا من مكّة الى المدينة ومن دار الحرب الى دار الاسلام قيل بدل من لذى القربى ما عطف عليه ومن اعطى اغنياء ذوى القربى خصّ الابدال بما بعده الفىء بفىء بنى النَضير { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ } اخرجوهم كفّار مكّة واخذوا اموالهم { يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } بانفسهم واموالهم { أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } في ايمانهم.
{ (9) وَالَّذِينَ تَبّوؤُا الدَّارَ وَالإِيمانَ } عطف على المهاجرين واستيناف خبره يحبّون اذ لم يقسم لهم من الفىء شيء والمراد بهم الانصار فانّهم لزموا المدينة والايمان وتمكنوا فيهمَا وقيل تبّوؤا دار الهجرة ودار الايمان.
في الكافي عن الصّادق عليه السلام الايمان بعضه من بعض وهو دار وكذلك الاسلام دار والكفر دار { مِنْ قَبْلِهِمْ } من قبل هجرة المهاجرين { يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلَيهِمْ } ولا يثقل عليهم { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا } ممّا اعطى المهاجرون من الفىء وغيره { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ } ويقدّمون على انفسهم { وََلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } فقر وحاجة { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } حتّى يخالفها فيما يغلب عليها من حبّ المال وبغض الانفاق { فَأُوُلَئِكَ هُمُ الْمفْلِحُونَ } الفائزون بالثناء العاجل والثواب الآجل.
في الكافي والفقيه عن الصّادق عليه السّلام الشحّ اشدّ من البخل ان البخيل يبخل بما في يده والشحّيح يشحّ بما في ايدى النّاس وعلى ما في يديه حتّى لا يرى في ايدي النّاس شيئا الاّ تمنّى ان يكون له بالحلّ والحرام ولا يقنع بما رزقه الله.
في الامالي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه جاء اليه رجل فشكا اليه الجوع فبعث رسول الله صلّى الله عليه وآله الى بيوت ازواجه فقلن ما عندنا الاّ الماء فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله من لهذا الرّجل اللّيلة فقال عليّ بن ابي طالب عليه السّلام انا له يا رسول الله واتى فاطمة عليها السّلام فقال لها ما عندك يا ابنة رسول الله فقالت ما عندنا الاّ قوت العشّية لكنّا نؤثر ضيفنا فقال يا ابنة محّمد نوّمى الصبّية واطفىء المصباح فلمّا اصبح عليّ عليه السلام غدا على رسول الله صلّى الله عليه وآله فاخبره فلم يبرح حتّى انزل الله عزّ وجلّ ويؤثرون على انفسهم الآية.
في الاحتجاج عن امير المؤمنين عليه السّلام انّه قال للقوم بعد موت عمر بن الخطّاب في حديث عدّ المناقب نشدتكم بالله هل فيكم احد انزلت فيه هذه الآية ويؤثرون على انفسهم الآية غيرى قالوا لا.
{ (10) وَالَّذِينَ جَآؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ } من بعد المهاجرين والانصار يعمّ سائر المؤمنين { يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ } اى لاخواننا في الدّين { وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا } حقدا لهم { رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } فحقِيق بان تجيب دعائنا.