التفاسير

< >
عرض

وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ
١٢٠
وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
١٢١
أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢٢
-الأنعام

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (120) وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ } ما يعلن وما يسر.
القميّ قال الظاهر من الإِثم المعاصي والباطن الشِّرك والشكّ في القلب { إنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ } يعملون.
{ (121) وَلاَ تَأَكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ } في الفقيه والتهذيب عن الباقر عليه السلام أنّه سئل عن مجوسّي قال بسم الله وذبح فقال كل فقيل مسلم ذبح ولم يسمّ فقال لا تأكل إنّ الله يقول فكلوا ممّا ذكر اسم الله عليه ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن ذبائح أهل الكتاب فقال لا بأس إذا ذكر اسم الله عليه ولكني أعني منهم من يكون على أمر موسى وعيسى عليهما السلام.
وعنه عليه السّلام أنّه سئل عن ذبائح اليَهود والنصارى فقال الذبيحة اسم ولا يؤمن على الاسم الا مسلم.
وفي التهذيب عن الباقر عليه السلام في ذبيحة الناصب واليهودي والنصراني قال لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله عليه أما سمعت قول الله ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه.
أقول: هذا الحديث يوضح سابقه ويحكم عليهما ويفصل اجمالها كما أنّ أولهما يحكم عليه والثلاثة توفق بين كل ما ورد في هذا المعنى مع كثرته واختلافه.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن رجل ذبح ولم يسمّ فقال ان كان ناسياً فليسمّ حين يذكر ويقول بسم الله على أوّله وآخره.
وعنه عليه السلام إذا ذبح المسلم ولم يسمّ ونسي فكل من ذبيحته وسمِّ الله على ما تأكل.
وعنه عليه السلام أنّه سئل عن رجل ذبح فسبّح أو كبّر أو هلّل أو حمد الله قال هذا كله من أسماء الله تعالى ولا بأس به { وإنَّهُ لَفِسْقٌ } وانّ الفسق ما أهل لغير الله به لقوله تعالى أو فسقاً أهل لغير الله به { وإنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ } ليوسوسون { إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ } من الكفار { لِيُجَادِلُوكُمْ } بقولهم تأكلون ما قتلتم أنتم وجوارحكم وتدعون ما قتله الله { وَإنْ أطَعْتُمُوهُمْ } في استحلال ما حرّم { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } فانّ من ترك طاعة الله إلى طاعة غيره واتبعه في دينه فقد أشرك باللّهِ.
{ (122) أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتاً } وقرئ بالتشديد { فَأحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } يعني مثل من هداه الله وأنقذه من الضلالة وجعل له حجة يهدي بنورها كمن صفته البقاء في الضلالة لا يفارقها بحال أبداً.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام ميتاً لا يعرف شيئاً ونوراً يمشي به في الناس اماماً يؤتم به كمن مَثَلَهُ في الظلمات الذي لا يعرف الإِمام والعياشي مثله.
وعنه عليه السلام الميت الذي لا يعرف هذا الشأن يعني هذا الأمر وجعلنا له نوراً اماماً يأتمّ به يعني عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه كَمَن مَثله في الظلمات قال بيده هكذا هذا الخلق الذين لا يعرفون شيئاً وفي المناقب عن الصادق عليه السلام كان ميتاً عنّا فأحييناه بنا.
والقميّ كان جاهلاً عن الحق والولاية فهديناه إليها قال النور الولاية في الظلمات يعني ولاية غير الأئمّة عليهم السلام.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في حديث قال الله تعالى
{ { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } [الروم: 19] فالحيّ المؤمن الذي يخرج طينته من طينة الكافر والميّت الذي يخرج من الحيّ هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن فالحي المؤمن والميّت الكافر وذلك قوله عزّ وجلّ { أو من كان ميتاً فأحييناه } فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر وكان حياته حين فرق الله بينهما بكلمته كذلك يخرج الله عزّ وجلّ المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور ويخرج الكافر من النور الى الظلمة بعد دخوله الى النور وذلك قوله عزّ وجلّ { { لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [يس: 70] { كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.
في المجمع عن الباقر عليه السلام أنّ الآية نزلت في عمّار بن ياسر وأبي جهل.