التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
١٥٢
وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٥٣
ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ
١٥٤
وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
١٥٥
-الأنعام

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (152) وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ الاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } الاّ بالخصلة الّتي هي احسن مما يفعل بما له كحفظه وتثميره { حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } قوّته وهو بلوغ الحلم وكمال العقل.
في الفقيه والتهذيب عن الصادق انقطاع يُتْم اليتيم الاحتلام وهو اشدّه وان احتلم ولم يونس منه رشده وكان سفيهاً أو ضعيفاً فليمسك عنه وليّه ماله.
وفيهما وفي الكافي عنه عليه السلام اذا بلغ اشدّه ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة وجب عليه ما وجب على المحتلمين احتلم او لم يحتلم وكتبت عليه السيّئات وكتبت له الحسنات وجاز له كلّ شيء الاّ ان يكون ضعيفاً او سفيهاً { وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْميزانَ بِالْقِسْطِ } بالعدل والتسوية { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إلاَّ وُسْعَهَا } الا ما يسعها ولا يعسر عليها في اتّباع ايفاء الكيل والوزن بذلك تنبيه على تعسيره وانّ ما وراء الوسع فيه معفوّ { وَاذا قُلْتُمْ } في حكومة ونحوها { فَاعْدِلُوا } فيه { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } ولو كان المقول له أو عليه من ذوي قرابتكم { وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُواْ } يعني ما عهد إِليكم من ملازمة العدل وتأدية احكام الشرع { ذلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلّكُمْ تَذَكَّرُونَ } تتّعظون به وقرء بتخفيف الذّال.
والعيّاشي عن الباقر عليه السلام انه كان متكئاً على فراشه اذ قرء الآيات المحكمات التي لم ينسخهن شيء من الأنعام فقال شيّعهن سبعون ألف ملك { قُلْ تَعَالَوْا أتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ألاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شيئاً } الآيات.
وفي المجمع عن ابن عباس هذه الآيات محكمات لم ينسخهن شيء من جيمع الكتب وهي محرمات على بني آدم كلهم وهن أُم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة ومن تركهن دخل النار، وقال كعب الأحبار والذي نفس كعب بيده إن هذا لأول شيء في التوراة
بسم الله الرحمن الرحيم { قال تعالوا اتل ما حرم عليكم ربكم } الآيات.
{ (153) وَأنَّ } ولأنّ تعليل للأمر باتّباعه { هَذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيماً } قيل الاشارة فيه إلى ما ذكر في السورة فانها بأسرها في اثبات التّوحيد والنبوّة وبيان الشريعة وقرء إنّ بالكسر على الاستيناف وبالفتح والتخفيف وصراطي بفتح الياءِ وبالسّين { فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ } الأديان المختلفة المتشعبة عن الأهوية المتباينة { فَتَفَرَّقَ بِكُمْ } فَتفرّقكم وتُزِيلَكُمْ { عَنْ سَبِيلِهِ } الذي هو اتّباع الوحي واقتفاء البرهان { ذلِكُمْ } الإتباع { وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } الضّلال والتفرّق عن الحق.
في روضة الواعظين عن النبي صلىّ الله عليه وآله وسلم في هذه الآية سألت الله أن يجعلها لعليّ عليه السلام ففعل.
وفي الاحتِجاج عنه عليه السلام في خطبة الغدير معاشر الناس إِنّ الله قد أمرني ونهاني وقد أُمرت عليّاً ونهيته فعلم الأمر والنّهي من ربّه فاسمعوا لأمره تسلموا وأطيعوه تهتدوا وانتهوا نهيه ترشدوا وصيروا الى مراده ولا تتفرق بكم السّبل عن سبيله معاشر الناس أنا الصراط المستقيم الذي آمركم باتباعه ثمّ عليّ من بعدي ثم ولدي من صلبه أئمّة يهدون بالحقّ وبه يعدلون.
والعياشي عن الباقر عليه السلام أنه قال لبريد العجليّ تدري ما يعني بصراطي مستقيماً قال قلت لا قال ولاية عليّ والأوصياء عليهم السلام قال وتدري ما يعني فاتّبعوه قال قلت لا قال يعني عليّ بن أبي طالب قال وتدري ما يعني ولا تتّبعوا السبل قال قلت لا قال ولاية فلان وفلان والله قال وتدري ما يعني فتفرق بكم عن سبيل عليّ عليه السلام.
{ (154) ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ } عطف على وصّاكم وثمّ للتراخي في الأخبار أو للتفاوت في الرتبة كأنّه قيل ذلكم وصاكم به قديماً وحديثاً ثم أعظم من ذلك إنّا آتَيْنَا موسى الكتاب { تَمَاماً } للكرامة والنعمة { عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ } على من أحسن القيام به { وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } وبياناً مفصّلأ لكل ما يحتاج إليه في الدين { وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم } لعل بني اسرائيل { بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ } بلقائه للجزاءِ.
{ (155) وَهَذَا كِتَابٌ } يعني القرآن { أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ } كثير النفع { فَاتَّبِعُوهُ واتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } باتباعه والعمل بما فيه.