التفاسير

< >
عرض

وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ
٦٦
لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٦٧
وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ
٦٨
وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
٦٩
وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
٧٠
قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فِي ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٧١
-الأنعام

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (66) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ } قيل أي بالقرآن وقيل أي بالعذاب { وَهُوَ الْحَقُّ } الصّدق أو الواقع لا بدّ أن ينزّل { قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكيلٍ } بحفيظٍ.
{ (67) لِّكُلِّ نَبَإٍ } خبر { مُّسْتَقَرٌ } وقت استقرار ووقوع { وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عند وقوعه.
{ (68) وَإذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا } بالتكذيب والإِستهزاءِ بها والطعن فيها { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } فلا تجالسهم وقم من عندهم.
العياشي عن الباقر عليه السّلام في هذه الآية قال الكلام في الله والجدال في القرآن قال منه القُصّاص { حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } غير ذلك { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيطَانُ } النّهي وقرئ ينسينك بالتخفيف { فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى } بعد أن تذكر { مَعَ الْقَومِ الظَّالِمِينَ } أي معهم فوضع الظاهر موضعه تنبيهاً على أنهم ظلموا بوضع التكذيب والاستهزاءِ موضع التصديق والإِستعظام.
في العلل عن السجاد ليس لك أن تقعد مع من شئت لأنّ الله تبارك وتعالى يقول وإذا رأيت الذين الآية.
والقميّ
"عن النبيّ صلىّ الله عليه وآله وسلم من كان يؤمن باللّهِ واليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسبّ فيه إِمام أو يغتاب فيه مسلم إنّ الله تعالى يقول في كتابه وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا الآية" .
{ (69) وَمَا عَلَى الَّذِيَنَ يَتَّقُونَ } وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم { مِنْ حِسَابِهِمْ مِّنْ شَيْءٍ } مما يحاسبون عليه من قبائح أعمالهم وأقواهم { وَلكِن ذِكْرَى } ولكن عليهم ذكرى أو عليهم أن يذكروهم ذكرى ويمنعوهم عن الخوض وغيره من القبائح ويظهروا كراهتها { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } يجتنبون ذلك حبّاً أو كراهةً لمسائتهم.
في المجمع عن الباقر عليه السلام لمّا نزل فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين قال المسلمون كيف نصنع ان كان كلّما استهزأ المشركون قمنا وتركناهم فلا ندخل إذاً المسجد الحرام ولا نطوف بالبيت الحرام فأنزل الله { وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِِهِم مِّن شَيْءٍ } أمر بتذكيرهم وتبصيرهم ما استطاعوا.
{ (70) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً } حيث سخروا واستهزؤا منه وبنوا أمر دينهم على التشهّي أو جعلوا عيدهم الّذي جعل ميقات عبادتهم زمان لعب ولهو.
والمعنى اعرض عنهم ولا تبال بأفعالهم وأقوالهم { وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيَا } فألهتهم عن العقبى { وَذَكِّرْ بِهِ } أي بالقرآن { أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ } مخافة أن تسلّم إلى الهلاك وترتهن بسوءِ عملها واصل البَسْل المنع { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللهِ وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ } يدفع عنها العذاب { وَإن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ } وان تفد كل فداءِ والعدل الفدية لأنها تعادل المفدي أريد به هاهنا الفداء { لاَّ يُْؤخَذْ مِنْهَآ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ } أي سلمّوا إلى العذاب بسبب أعمالهم القبيحة وعقائدهم الزّايفة { لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } تأكيد وتفصيل لذلك والمعنى هم بين ماءٍ مغليّ يتجرجر في بطونهم ونار تشتعل بأبدانهم بسبب كفرهم.
{ (71) قُلْ أَنَدْعُواْ } نعبد { مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا } لا يقدر على نفعنا وضرّنا { وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا } ونرجع عن دين الإسلام إلى الشّرك { بَعْدَ إذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ } كالذي ذهبت به مردة الجن في المهامة من هوى إذا ذهب وقرئ استهواه بألف ممالة { فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ } متحيراً ضالاً عن الطريق { لَهُ أَصْحَابٌ } لهذا المستهوى رفقة { يَدْعُونَهُ إلَى الْهُدَى } إلى الطريق المستوى أو إلى أن يهدوه الطريق المستقيم { ائْتِنَا } يقولون له ائتنا وقد اعتسف التّيه تابعاً للجنّ لا يجيبهم ولا يأتيهم وهذا مبني على ما تزعمه العرب أنّ الجنّ يستهوي الإٍنسان كذلك { قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ } الذي هو الإِسلام { هُوَ الْهُدَى } وحده وما سواه ضلال { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } من جملة المقول.