التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٩٧
وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ
٩٨
وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ لأَيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٩٩
-الأنعام

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (97) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } في ظلمات اللّيل في البرِّ والبحر وأضافتهما اليهما للملابسة أو في مشتبهات الطرق أو الأمور سماها ظلمات على الإِستعارة القميّ قال النجوم آل محمد عليهم السلام { قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ } بينّاها فصلاً فصلاً { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } فانّهم منتفعون به.
{ (98) وَهُوَ الَّذي أَنْشَأكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } وهو آدم عليه السلام { فَمُسْتَقَرٌّ } وقرء بكسر القاف أي قارّ { وَمُسْتَوْدَعٌ } والعياشي عن الباقر عليه السلام أنّه قال لأبي بصير حين سأله عن هذه الآية ما يقول أهل بلدك الذي أنت فيه قال يقولون مستقرّ في الرّحم ومستودع في الصّلب فقال كذبوا المستقرّ من استقر الإٍيمان في قلبه فلا ينزع منه أبداً والمستودع الذي يستودع الإِيمان زماناً ثم يسلبه وقد كان الزبير منهم.
وعن الصادق عليه السلام أنّه سئل عنها فقال مستقر في الرَّحِم ومستودع في الصلب وقد يكون المستودع الإِيمان ثم ينزع منه ولقد مشى الزبير في ضوءِ الإِيمان ونوره حين قبض رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم حتّى مشى بالسّيف وهو يقول لا نبايع إلاَّ عليّاً وفي رواية قال المستقرّ الثابت والمستودع المعار.
وعن الكاظم عليه السلام في هذه الآية ما كان من الإٍيمان المستقر فمستقر إلى يوم القيامة أبداً وما كان مستودعاً سلبه الله قبل الممات.
وفي الكافي عنه عليه السّّلام أنّ الله خلق النّبيينّ على النبوّة فلا يكونون إلاّ أنبياء وخلق المؤمنين على الإيمان فلا يكونون إلاّ مؤمنين وأعار قوماً إيماناً فان شاء تممه لهم وان شاء سلبهم إيّاه قال وفيهم جرت فمستقر ومستودع وقال انّ فلاناً كان مستودعاً إيمانه فلمَّّا كذب علينا سلب إيمانه ذلك.
أقول: كنّي بفلان عن أبي الخطاب محمد بن مقلاص الغالي كما يستفاد من حديث آخر { قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } قيل ذكر مع ذكر النّجوم يعلمون لأنّ أمرها ظاهر ومع ذكر تخليق بني آدم يفقهون لأن انشاءهم من نفس واحدة وتصريفهم بين أحوال مختلفة دقيق غامض يحتاج إلي استعمال فطنة وتدقيق نظر.
{ (99) وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا } على تلوين الخطاب { بِه }ِ بالماءِ { نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ } نبت كل شيء من أصناف النبات والمعنى اظهار القدرة في انبات الأنواع المختلفة بماءٍ واحد كما قال يسقى بماءٍ واحد ونفضّل بعضها على بعض في الأكل { فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً } نبتاً غضاً أخضر وهو الخارج من الحبّة المتشعّب { نُّخْرِجُ مِنْهُ } من الخضر { حَبّاً مُّتَرَاكِباً } قد ركّب بعضه على بعض وهو السّنبل { وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ } أعذاق جمع قنو كصنوان جمع صنو { دَانِيَةٌ } قريبة من التناول { وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ } بعضها متشابه في الهيئة والمقدار واللّون والطّعم وبعضها غير متشابه { انْظُرُواْ إلَى ثَمَرِهِ } إلى ثمر كل واحد من ذلك وقرئ بضم الثاء على الجمع { إِذَآ أُثْمَرَ } إذا أخرج ثمره كيف يكون صغيراً حقيراً لا يكاد ينتفع به { وَيَنْعِهِ } والى حال نضجه أو إلى نضيجه كيف يعود ضخماً ذا نفع ولذّة مصدر ينعت الثمرة إذا أدركت أو جمع يانع { إِنَّ فِي ذلِكُمْ لأَيَاتٍ } على وجود صانع عليم حكيم قدير يقدره ويدبّره وينقله من حال إلى حال { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فانّهم المنتفعون.