التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٩
فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٠
وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
١١
-الجمعة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (9) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ } أي اذّن لها { مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ } قيل سمّي بها لاجتماع النّاس فيه للصلاة.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انّ الله جمع فيها خلقه لولاية محمّد صلّى الله عليه وآله ووصيّه في الميثاق فسمّاه يوم الجمعة لجمعه فيه خلقه { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } يعني الى الصلاة كما يستفاد ممّا قبله وممّا بعده قيل اي فامضوا اليها مسرعين قصداً فانّ السّعي دون العدو وفي المجمع قرأ عبد الله بن مسعود فامضوا الى ذكر الله.
قال وروى ذلك عن أمير المؤمنين والباقر والصادق عليهم السلام والقمّي قال الاسراع في المشي.
وعن الباقر عليه السلام اسعوا اي امضوا.
وفي العلل عن الصادق عليه السلام معنى فاسعوا هو الانكفاء.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام فاسعوا الى ذكر الله قال اعملوا وعجّلوا فانّه يوم مضيّق على المسلمين فيه ثواب اعمال المسلمين على قدر ما ضيّق عليهم والحسنة والسيّئة تضاعف فيه قال والله لقد بلغني انّ اصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله كانوا يتجهّزون للجمعة يوم الخميس لأنّه يوم مضيّق على المسلمين { وَذَرُوا الْبَيْعَ } واتركو المعاملة في الفقيه روي انّه كان بالمدينة إذا اذّن المؤذّن يوم الجمعة نادى مناد حرم البيع حرم البيع { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ } اي السعي الى ذكر الله خير لكم من المعاملة فانّ نفع الآخرة خير وابقى { إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } الخير والشرّ.
في الكافي عن الباقر عليه السلام قال فرض الله على النّاس من الجمعة الى الجمعة خمساً وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والاعمى ومن كان على رأس فرسخين.
وفي التهذيب والفقيه عن الصادق عليه السلام انّه سئل على من تجب الجمعة قال تجب على سبعة نفر المسلمين ولا جمعة لأقلّ من خمسة من المسلمين احدهم الإِمام فاذا اجتمع سبعة ولم يخافوا امّهم بعضهم وخطبهم.
أقولُ: لعلّ المراد انّها تجب على سبعة حتماً وعزيمة ومن دون رخصة في تركها وتجب لخمسة تخييراً وعلى الأفضل مع الرخصة في تركها بهذا تتوافق الأخبار المختلفة في الخمسة والسبعة ويؤيّده تعدية الوجوب باللاّم في الخمسة وبعلى في السبعة وامّا اذا كانوا اقلّ من خمسة فليس عليهم ولا لهم جمعة بل عليهم حتماً ان يصلّوا اربعاً والاخبار في وجوب الجمعة اكثر من ان تحصى.
{ (10) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ } ادّيت وفرغ منها { فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فََضْلِ اللَّهِ }.
في المجمع والمحاسن عن الصادق عليه السلام الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت.
وفي العيون والقمّي ما في معناه.
وفي المجمع عنه عليه السلام قال انّي لأركب في الحاجة التي كفاها الله ما اركب فيها الاّ التماس ان يراني الله اضحى في طلب الحلال اما تسمع قول الله عزّ وجلّ اسمه فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأَرْضِ وابتغوا من فضل الله.
وبرواية أنس عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وابتغوا من فضل الله ليس بطلب دنيا ولكن عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة اخ في الله { وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً } واذكروا الله في مجامع احوالكم ولا تخصّوا ذكره بالصلاة.
في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال من ذكر الله مخلصاً في السوق عند غفلة النّاس وشغلهم بما هم فيه كتب الله له ألف حسنة ويغفر الله له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } بخير الدّارين.
{ (11) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا } انصرفوا اليها كذا في المجمع.
والقمّي عن الصادق عليه السلام { وَتَرَكُوكَ قَائِماً } تخطب على المنبر كذا روياه { قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ } من الثواب { خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ } فانّ ذلك محقّق مخلّد بخلاف ما تتوهّموا من نفعهما.
القمّي عن الصادق عليه السلام نزلت خَيرٌ من اللّهو ومن التجارة للّذين اتّقوا.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام انّه كان يقرأ خير من اللّهو ومن التجارة للّذين اتقوا { وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } فتوكّلوا عليه واطلبوا الرّزق منه القمّي قال كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يصلّي بالنّاس يوم الجمعة ودخلت ميرة وبين يديها قوم يضربون بالدّفوف والملاهي فترك النّاس الصلاة ومرّوا ينظرون اليهم فأنزل الله.
في المجمع عن جابر بن عبد الله قال اقبلت عير ونحن نصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وآله فانفضّ النّاس اليها فما بقي غير اثني رجلاً انا فيهم فنزلت الآية في رواية قال صلّى الله عليه وآله
"والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى احد منك لسال بكم الوادي ناراً" .
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام الواجب على كلّ مؤمن اذا كان لنا شيعة ان يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبّح اسم ربّك الأعلى وفي صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين فاذا فعل ذلك فكّأنّما يعمل بعمل رسول الله صلّى الله عليه وآله وكان ثوابه وجزاؤه على الله الجنّة.