التفاسير

< >
عرض

مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١١
وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَولَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
١٢
ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٣
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٤
إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٥
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٦
إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ
١٧
عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١٨
-التغابن

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (11) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } الاّ بتقديره ومشيئته { وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ } القمّي اي يصّدق الله في قلبه فاذا بيّن الله له اختار الهدى ويزيده الله كما قال ويزيد الله الذين اهتدوا هدىً.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال انّ القلب ليترجّح فيما بين الصدر والحنجرة حتّى يعقد على الإِيمان فاذا عقد على الإِيمان قرّ وذلك قول الله عزّ وجلّ ومن يؤمن بالله يهد قلبه { وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } حتّى القلوب واحوالها.
{ (12) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } فلا بأس عليه { فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } وقد بلغّ.
{ (13) اللَّهُ لاَ إِلهَ إلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } لأنّ الإِيمان بالتوحيد يقتضي ذلك.
{ (14) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ } يشغلكم عن طاعة الله ويخاصمكم في امر الدين او الدنيا { فَاحْذَرُوهُمْ } ولا تأمنوا غوايلهم { وَإِنْ تَعْفُوا } عن ذنوبهم بترك المعاقبة { وَتَصْفَحُوا } بالاعراض وترك التثريب عليها { وَتَغْفِرُوا } باخفائها وتمهيد معذرتهم فيها { فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } يعاملكم بمثل ما عاملتم ويتفضّل عليكم.
القمّي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية انّ الرجل كان اذا اراد الهجرة الى رسول الله صلّى الله عليه وآله تعلّق به ابنه وامرأته وقالوا ننشدك الله ان تذهب عنّا وتدعنا فنضيع بعدك فمنهم من يطيع اهله فيقيم فحذرهم الله ابنائهم ونساءهم ونهاهم عن طاعتهم ومنهم من يمضي ويذرهم ويقول اما والله لئن لم تهاجروا معي ثمّ يجمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لا انفعكم بشيء ابداً فلمَا جمع الله بينه وبينهم امره الله ان يحسن اليهم ويصلهم فقال وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فانّ الله غَفورٌ رَحِيمٌ.
{ (15) إِنَّما أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } اختبار لكم { وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } لمن آثر محبّة الله وطاعته على محبة الاموال والأولاد والسّعي لهم.
في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه كان يخطب فجاء الحسن والحسين عليهما السلام وعليهما قميصان احمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلّى الله عليه وآله اليهما فأخذهما فوضعهما في حجرة على المنبر وقال صدق الله عزّ وجلّ انّما اموالكم واولادكم فتنة نظرت الى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم اصبر حتّى قطعت حديثي ورفعتهما ثم اخذ في خطبته وفي نهج البلاغة لا يقولّن احدكم اللّهم انّي اعوذ بك من الفتنة لأنّه ليس احد الاّ وهو مشتمل على فتنة ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلاّت الفتن فانّ الله سبحانه يقول واعلموا انّما اموالكم واولادكم فتنة.
{ (16) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } فابذلوا في تقواه جهدكم وطاقتكم { وَاسْمَعُوا } مواعظه { وَأَطِيعُوا } اوامره { وَأَنفِقُوا } في وجوه الخير خالصاً لوجهه { خَيْراً لأَنفُسِكُمْ } انفاقاً خيراً لأنفسكم او اتوا خيراً او يكن الانفاق خيراً وهو تاكيد للحث على الامتثال { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } سبق تفسيره.
{ (17) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ } بصرف المال فيما امره { قَرْضاً حَسَناً } مقروناً باخلاص وطيب نفس { يُضاعِفْهُ لَكُمْ } يجعل لكم بالواحد عشراً الى سبع مأة واكثر وقرىء يضعّفه { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ببركة الانفاق { وَاللَّهُ شَكُورٌ } يعطي الجزيل بالقليل { حَلِيمٌ } لا يعاجل بالعقوبة.
{ (18) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } لا يخفى عليه شيء { الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } تامّ القدرة والعلم.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة التغابن في فريضة كانت شفيعة له يوم القيامة وشاهد عدل عند من يجيز شهادتها ثمّ لا تفارقه حتى يدخل الجنّة.