التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً
٥
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ
٦
لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً
٧
وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً
٨
فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً
٩
أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَدْ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً
١٠
رَّسُولاً يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزْقاً
١١
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً
١٢
-الطلاق

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (5) ذلِكَ } اشارة الى ما ذكر من الأحكام { أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ } في أمره { يُكَفِّرُ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ } فانّ الحسنات يذهبن السيئات { وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } بالمضاعفة.
{ (6) أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ } اي مكاناً من سكناكم { مِنْ وُجْدِكُمْ } من وسعكم { وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ } في السّكنى { لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } فتلجئوهن الى الخروج.
في الكافي عن الصادق عليه السلام لا يضارّ الرجل امرأته اذا طلّقها فيضيّق عليها حتّى تنتقل قبل ان تنقضي عدّتها فانّ الله قد نهى عن ذلك ثم تلا هذه الآية { وَإِنْ كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } فيخرجن من العدّة القمّي قال المطلّقة التي للزوج عليها رجعة لها عليه سكنى ونفقة ما دامت في العدّة فان كانت حاملاً ينفق عليها حتى تضع حملها.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انّ المطلّقة ثلاثاً ليس لها نفقة على زوجها انّما هي التي لزوجها عليها رجعة.
وفي التهذيب عن الصادق عليه السلام انّه سئل عن المطلّقة ثلاثاً الها النفقة والسّكنى قال احُبلى هي قيل لا قال فلا وفي معناه اخبار اخرى { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ } بعد انقطاع علقة النّكاح { فآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } على الارضاع { وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } وليأتمر بعضكم بعضاً بجميل في الارضاع والاجر { وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ } تضايقتم { فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى } امرأة اخرى وفيه معاتبة للأمّ على المعاسرة.
{ (7) لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ } اي فلينفق كلّ من الموسر والمعسر ما بلغه وسعه { لاَ يُكَلِّفُ اللَّهَُ نَفْساً إِلاَّ مَا أَتاها } الاّ وسعها وفيه تطييب لقلب المعسر { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } اي عاجلاً وآجلاً وهذا الحكم يجري في كلّ انفاق.
ففي الكافي عن الصادق عليه السلام انّه سئل عن الرجل الموسر يتّخذ الثياب الكثيرة الجياد والطّيالسة والقمص الكثيرة يصون بعضها بعضاً يتجمّل بها يكون مسرفاً قال لا لأنّ الله يقول لينفق ذو سعة من سعته.
وفيه والقمّي عنه عليه السلام في قوله ومن قدر عليه رزقه فلينفق ممّا آتاهُ قال ان انفق الرّجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع كسوة والاّ فرّق بينهما.
{ (8) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ } اهل قرية { عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ } اعرضت عنه اعراض العاتي { فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً } بالاستقصاء والمناقشة { وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً } منكراً أو المراد امّا حساب الآخرة وعذابها وانّما عبّر بالماضي لتحقّقه وامّا استقصاء ذنوبهم وما اصيبوا به عاجلاً.
{ (9) فَذاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا } عقوبة كفرها ومعاصيها { وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً } لا ربح فيها اصلاً.
{ (10) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً }.
{ (11) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ }.
في العيون عن الرضا عليه السلام في قوله تعالى فاسألوا أهل الذكر انّ الذكر رسول الله صلّى الله عليه وآله ونحن اهله قال وذلك بيّن في كتاب الله عزّ وجلّ حيث يقول في سورة الطلاق فاتّقوا الله يا أُولي الألباب الذين آمنوا قد انزل الله اليكم ذكراً رسولاً يتلو عليكم آيات الله مبيّنات { لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ } من الضلالة الى الهدى { وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلُهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيها أَبَداً } وقرىء ندخله بالنّون { قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً }.
{ (12) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } في العدد { يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ } يجري امر الله وقضاؤه بينهنّ وينفذ حكمه فيهنّ { لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً } علّة لخلق او يتنزّل او ما يعمّهما فانّ كلاًّ من الأمرين يدلّ على كمال قدرته وعلمه.
القمّي عن الرضا عليه السلام انّه سئل عن قول الله تعالى وَالسَّماءِ ذات الحبك فقال هي محبوكة الى الأرض وشبك بين اصابعه ثمّ بيّن كيفيّة خلق السماوات السّبع والأرضين السّبع واشباكهما وانّ السماء الدنيا فوق هذه الأرض قبّة عليها وانّ الأرض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبّة وهكذا الى السابعة منهما ثمّ قال وهو قول الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهنّ يتنزّل الامر بينهنّ قال فامّا صاحب الأمر فهو رسول الله صلّى الله عليه وآله والوصيّ بعده قائم على وجه الأرض وانّما يتنزّل الامر اليه من فوق السماء بين السماوات والأرضين وقد مضى تمام الحديث على وجهه في سورة الذّرايات.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة الطلاق والتحريم في فريضته اعاذه الله من ان يكون يوم القيامة ممن يخاف او يحزن وعوفي من النار وادخله الله الجنّة بتلاوته ايّاهما ومحافظته عليهما لأنّهما للنبيّ صلّى الله عليه وآله.