التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١
قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٢
وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ
٣
-التحريم

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (1) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }.
القمّي عن الصادق عليه السلام قال اطّلعت عائشة وحفصة على النبيّ صلّى الله عليه وآله وهو مع مارية فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله والله ما اقربها بعد فأمره الله ان يكفّر عن يمينه وروي انّه خلا بمارية في يوم حفصة او عائشة فاطلعت على ذلك حفصة فعاتبته فيه فحرّم مارية فنزلت وقيل شرب عسلاً عند حفصة فواطأت عائشة وسودة وصفيّة فقلن له انّا نتبسّم منك ريح المغافير فحرّم العسل فنزلت ويأتي تمام الكلام فيه.
{ (2) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ } قد شرّع لكم تحليلها وهو حلّ ما عقدته بالكفارة { وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ } متولي اموركم { وَهُوَ الْعَلِيمُ } بما يصلحكم { الْحَكِيمُ } المتقن في افعاله واحكامه.
{ (3) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إلَى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمّا نَبَّأَتْ بِهِ } اخبرت به { وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ } وأطلع الله النبيّ على الحديث اي على افشائه { عَرَّفَ بَعْضَهُ } عرّف الرسول بعض ما فعلت { وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ } عن اعلام بعض تكرّماً وقرىء بالتخفيف في المجمع واختار التخفيف ابو بكر بن ابي عيّاش وهو من الحروف العشرة التي قال إنّي أدخلتها في قراءة عاصم من قراءة عليّ بن أبي طالب عليه السلام حتّى استخلصت قراءته يعني قراءة عليّ عليه السلام { فَلَمّا نَبَّأَها بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } القمّي كان سبب نزولها انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان في بعض بيوت نسائه وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله صلّى الله عليه وآله مارية فعلمت حفصة بذلك فغضبت واقبلت على رسول الله فقالت يا رسول الله في يومي وفي داري وعلى فراشي فاستحيى رسول الله صلى الله عليه وآله منها فقال كفى فقد حرّمت مارية على نفسي ولا اطأها بعد هذا ابداً وانا افضي اليك سرّاً ان انت اخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والنّاس اجمعين فقالت نعم ما هو فقال انّ ابا بكر يلي الخلافة بعدي ثمّ بعده ابوك فقالت { مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } فأخبرت حفصة به عائشة من يومها ذلك واخبرت عائشة ابا بكر فجاء ابو بكر إلى عمر فقال له انّ عائشة اخبرتني عن حفصة بشيء ولا اثق بقولها فاسأل انت حفصة فجاء عمر الى حفصة فقال ما هذا الذي اخبرت عنك عائشة فأنكرت ذلك وقالت ما قلت لها من ذلك شيئاً فقال لها عمر انّ هذا حقّ فأخبرينا حتى نتقدّم فيه فقالت نعم قد قال رسول الله فاجتمعوا اربعة على ان يسمّوا رسول الله صلّى الله عليه وآله فنزل جبرئيل على رسول الله صلّى الله عليه وآله بهذه السورة قال واظهره الله عليه يعني اظهره الله على ما اخبرت به وما همّوا به من قتله عرف بعضه أى خبرها وقال لم اخبرت بما اخبرتك واعرض عن بعض قال لم يخبرهم بما يعلم ممّا همّوا به من قتله وفي المجمع قيل انّ النبيّ صلّى الله عليه وآله خلا في بعض يوم لعائشة مع جاريته امّ ابراهيم مارية القبطيّة فوقفت حفصة على ذلك فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله لا تعلمي عائشة ذلك وحرّم مارية على نفسه فأعلمت حفصة عائشة الخبر واستكتمتها ايّاه فأطّلع الله نبيّه على ذلك وهو قوله وَإِذْ أَسَرّ النبيّ الى بعض ازواجه حديثاً يعني حفصة ولمّا حرّم مارية القبطيّة اخبر حفصة انه يملك من بعده ابو بكر وعمر فعرفها بعض ما افشت من الخبر واعرض عن بعض انّ ابا بكر وعمر يملكان بعدي قال وقريب من ذلك ما رواه العيّاشي عن ابي جعفر عليه السلام الاّ انّه زاد في ذلك انّ كلّ واحدة منهما حدّثت اباها بذلك فعاتبهما في امر مارية وما افشتا عليه من ذلك واعرض عن ان يعاتبهما في الأمر الآخر.