التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ
٩
وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
١٠
فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
١١
إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
١٢
وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
١٣
أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ
١٤
هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ
١٥
ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ
١٦
أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ
١٧
وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ
١٨
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ
١٩
أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ
٢٠
أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ
٢١
-الملك

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (9) قالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ } اي فكذّبنا الرسل وافرطنا في التكذيب حتّى نفينا الانزال والارسال رأساً وبالغنا في نسبتهم الى الضلال.
{ (10) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ } كلام الرّسل فنقبله جملة من غير بحث وتفتيش اعتماداً على صدقهم { أَوْ نَعْقِلُ } فنتفكّر في حكمه ومعانيه تفكّر المستبصرين { مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } في عدادهم وفي جملتهم.
{ (11) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ } حين لا ينفعهم { فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ } فأسحقهم الله سحقاً اي ابعدهم بعداً من رحمته وقرىء فسُحُقاُ بضمّتين والقمّي قال قد سمعوا وعقلوا ولكنّهم لم يطيعوا ولم يقبلوا كما يدلّ عليه اعترافهم بذنبهم.
في الاحتجاج في خطبة الغديرية النبويّة انّ هذه الآيات في اعداء عليّ واولاده عليهم السلام والتي بعدها في اوليائهم.
{ (12) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } لذنوبهم { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } تصغر دونه لذائذ الدّنيا.
{ (13) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ } بالضمائر قبل ان يعبّر بها سرّاً او جهراً.
{ (14) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّّطِيفُ الْخَبِيرُ } المتوصّل علمه الى ما ظهر من خلقه وما بطن وان صغر ولطف لا يغرب عنه شيء ولا يفوته روي انّ المشركين كانوا يتكلّمون فيما بينهم بأشياء فيخبر الله بها رسوله فيقولون اسرّوا قولكم لئلاّ يسمع إِله محمّد صلّى الله عليه وآله فنبّه الله على جهلهم.
{ (15) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اْلأَرْضَ ذَلُولاً } ليّنة يسهل لكم السلوك فيها { فَامْشُوا فِي مَناكِبِها } في جوانبها او جبالها قيل هو مثل لفرط التذلّل فان منكب البعير ينبو عن ان يطأه الرّاكب ولا يتذلّل له فاذا جعل الأرض في الذلّ بحيث يمشي في مناكبها لم يبق شيء منها لم يتذلّل { وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ } والتمسوا من نعم الله { وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } المرجع فيسألكم عن ما انعم عليكم.
{ (16) ءَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ } يعني الملائكة الموكلّين على تدبير هذا العالم وقرىء وامنتم بقلب الهمزة الاولى واوا لانضمام ما قبلها وبقلب الثانية الفاً { أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ } فيغيبكم فيها كما فعل بقارون { فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } تضطرب.
{ (17) أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً } ان يمطر عليكم حصباً { فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } كيف انذاري اذا شاهدتم المنذر به ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ.
{ (18) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } انكاري عليهم بانزال العذاب وهو تسلية للرّسول صلّى الله عليه وآله وتهديد لقومه.
{ (19) أَوَلَمْ يَرَوْا إلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ } باسطات اجنحتهنّ في الجوّ عند طيرانها فانهنّ اذا بسطنها صففن قوادمها { وَيَقْبِضْنَّ } ويضممنها اذا ضربن بها جنوبهنّ وقتاً بعد وقت للاستعانة به على التحرك { مَا يُمْسِكُهُنَّ } في الجوّ على خلاف الطبع { إِلاَّ الرَّحْمَنُ } الواسع رحمته كلّ شيء { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } يعلم كيف ينبغي ان يخلقه.
{ (20) أمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَكُمْ يَنصُركُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ } يعني اولم تنظروا في امثال هذه الصنايع فتعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف او ارسال حاصب ام هذا الذي تعبدونه من دون الله لكم جند ينصركم من دون الله او يرسل عليكم عذابه فهو كقوله
{ { أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا } [الأنبياء: 43] وفيه اشعار بأنّهم اعتقدوا القسم الثاني { إِنِ الْكافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ } لا معتمد لهم.
{ (21) أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إنْ أمْسَكَ رِزْقَهُ } بامساك المطر وساير الاسباب المحصّلة والموصلة له اليكم { بَلْ لَّجُّوا } تمادوا { فِي عُتُوٍّ } عناد { وَنُفُورٍ } وشراد عن الحقّ تنفر طبعهم عنه.