التفاسير

< >
عرض

نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
١
مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
٢
وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ
٣
وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ
٤
فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ
٥
بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ
٦
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
٧
فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ
٨
وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
٩
وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ
١٠
هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ
١١
مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
١٢
عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ
١٣
-القلم

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (1) نۤ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ }.
في المعاني عن سفيان عن الصادق عليه السلام قال وامّا نۤ فهو نهر في الجنّة قال الله عزّ وجلّ اَجْمِدْ فجمد فصار مداداً ثمّ قال عزّ وجلّ للقلم اكتب فسطر القلم في اللّوح المحفوظ ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة فالمداد مداد من نور والقلم قلم من نور واللّوح لوح من نور قال سفيان فقلت له يا ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله بيّن لي امر اللّوح والقلم والمداد فضل بيان وعلّمني ممّا علّمك الله فقال يا ابن سعيد لولا انت اهل للجواب ما اجبتك فنون ملك يؤدّي الى القلم وهو ملك والقلم يؤدّي الى اللّوح وهو ملك واللّوح يؤدّي الى اسرافيل واسرافيل يؤدّي الى ميكائيل وميكائيل يؤدّي الى جبرئيل وجبرئيل يؤدّي الى الانبياء والرسل صلوات الله عليهم قال ثمّ قال لي قم يا سفيان فلا أمن عليك.
وفي العلل عنه عليه السلام وامّا نۤ فكان نهراً في الجنّة أشدّ بياضاً من الثلج واحلى من العسل قال الله عزّ وجلّ له كن مداداً ثم اخذ شجرة فغرسها بيده ثمّ قال واليد القوّة وليس بحيث يذهب اليه المشبّهة ثمّ قال لها كوني قلماً ثم قال له اكتب فقال له يا ربّ وما اكتب قال ما هو كائن الى يوم القيامة ففعل ذلك ثم ختم عليه وقال لا تنطقنّ الى يوم الوقت المعلوم.
والقمّي عنه عليه السلام اوّل ما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام نۤ نهر في الجنّة قال الله له كن مداداً فجمد وكان ابيض من اللبن واحلى من الشهد ثمّ قال للقلم اكتب فكتب القلم ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة وقد مرّ حديث آخر في هذا المعنى في سورة الجاثية.
وفي الخصال عنه عليه السلام قال انّ لرسول الله صلّى الله عليه وآله عشرة اسماء خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن فمحمّد واحمد وعبد الله ويسۤ ونۤ صلّى الله عليه وآله.
{ (2) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } جواب القسم اي ما انت بمجنون منعماً عليك بالنبوّة وحصافة الرّأي وهو جواب لقولهم يا ايّها الذي نزّل عليه الذّكر انّك لمجنون.
{ (3) وَإِنَّ لَكَ } على تحمّل اعباء الرّسالة وقيامك بمواجبها { لأَجْراً } لثواباً { غَيْرَ مَمْنُونٍ } غير مقطوع او غير ممنون به عليك.
{ (4) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } اذ تحتمل من قومك ما لا يحتمله غيرك.
في الكافي عن الصادق عليه السلام انّ الله عزّ وجلّ ادّب نبيّه فأحسن ادبه فلمّا اكمل له الأدب قال انّك لعلى خلق عظيم وفي رواية ادّب نبيّه صلّى الله عليه وآله على محبّته وفي البصائر مقطوعاً انّ الله ادّب نبيّه صلّى الله عليه وآله فأحسن تأديبه فقال
{ { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } [الأعراف: 199] فلمّا كان ذلك انزل الله انّك لَعَلى خُلُق عَظِيم.
والقمّي عن الباقر عليه السلام يقول على دين عظيم.
ومثله في المعاني وعنه عليه السلام هو الاسلام.
{ (5) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ }.
{ (6) بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ } ايّكم الّذي فتن بالجنون والباء مزيدة او بأيّكم الجنون على انّ المفتون مصدراً وبأيّكم أحرى هذا الاسم انت ام هم.
في المحاسن عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله ما من مؤمن الاّ وقد خلص ودّي الى قلبه وما خلص ودّي الى قلب احد الاّ وقد خلص ودّ عليّ الى قلبه كذب يا عليّ من زعم انّه يحبّني ويبغضك قال فقال رجلان من المنافقين لقد فتن رسول الله صلّى الله عليه وآله بهذا الغلام فأنزل الله تبارك وتعالى { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } بأيّكم المفتون قال نزلت فيهما الى آخر الآيات وقيل نزلت في الوليد بن المغيرة كان يمنع عشيرته عن الإِسلام وكان موسراً وله عشر بنين فكان يقول لهم وللحمته من اسلم منكم منعته رفدي وكان دعيّاً ادّعاه ابوه بعد ثماني عشرة من مولده كذا في الجوامع.
{ (7) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }.
{ (8) فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ }.
{ (9) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } تلاينهم فيلاينوك القمّي قال اي احبّو ان تغشّ في عليّ عليه السلام فيغشون معك.
{ (10) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ } كثير الحلف { مَهِينٍ } حقير الرّأي.
{ (11) هَمَّازٍ } عيّاب طعَان { مَشّآءٍ بِنَمِيمٍ } نقّال للحديث على وجه السّعاية.
{ (12) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ } يمنع الناس عن الخير من الإِيمان والانفاق والعمل الصالح { مُعْتَدٍ } متجاوز في الظلم { أَثِيمٍ } كثير الآثام.
{ (13) عُتُلٍّ } جاف غليظ { بَعْدَ ذَلِكَ } بعدما عدّ من مثالبه { زَنِيمٍ }.
في المعاني عن الصادق عليه السلام انّه سئل عن قوله تعالى عتلّ بعد ذلك زنيم فقال العتلّ العظيم الكفر والزّنيم المستهتر بكفره.
في المجمع سئل النبيّ صلّى الله عليه وآله عن العتلّ والزنيم فقال هو الشديد الخلق المصحاح الأكول الشّروب الواجد للطّعام والشراب الظلوم للنّاس الرّحب الجوف وعنه عليه السلام لا يدخل الجنّة جوّاظ ولا جعظريّ ولا عتلّ زنيم قيل فما الجوّاظ قال كلّ جمّاع منّاع قيل فما الجعظريّ قال الفظّ الغليظ قيل فما العتلّ الزّنيم قال كلّ رحب الجوف سيّء الخلق اكول شروب غشوم ظلوم.
وعن عليّ عليه السلام الزّنيم هو الذي لا اصل له والقمّي قال الحلاّف الثاني حلف لرسول الله عليه وآله انّه لا ينكث عهداً { هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } قال كان ينمّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله ويهمز بين اصحابه منّاع للخير قال الخير امير المؤمنين عليه السلام معتد قال اي اعتدي عليه عتلّ بعد ذلك زنيم قال العتلّ العظيم الكفر والزنيم الدّعيّ.