التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ
٣١
عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ
٣٢
كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٣٣
إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
٣٤
أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ
٣٥
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
٣٦
أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ
٣٧
إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ
٣٨
أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ
٣٩
-القلم

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (31) قَالُوا يا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ } متجاوزين حدود الله.
{ (32) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا } ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة وقد روي انّهم ابدلوا خيراً منها { إِنَّا إِلَى رَبِّنا راغِبُونَ } راجون العفو طالبون الخير.
في الكافي عن الباقر عليه السلام قال انّ الرجل ليذنب الذنب ويدرأ عليه الرّزق وتلا هذه الآية اذ اقسموا ليصرمنّها الى قوله وهم نائمون.
والقمّي عن ابن عبّاس انّه قيل له انّ قوماً من هذه الامّة يزعمون انّ العبد قد يذنب الذنب فيحرم به الرّزق فقال ابن عبّاس فوالّذي لا إله غيره لهذا نور في كتاب الله من الشمس الضاحية ذكر الله في سورة نۤ والقلم ان شيخاً كانت له جنّة وكان لا يدخل بيته ثمرة منا ولا الى منزله حتّى يعطي كلّ ذي حقّ حقّه فلمّا قبض الشيخ ورثه بنوه وكان له خمس من البنين فحملت جنّته في تلك السنة التي هلك فيها ابوهم حملاً لم يكن حملت قبل ذلك فراحوا الفتية الى جنّتهم بعد صلاة العصر فاشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم فلمّا نظروا الى الفضل طغوا وبغوا وقال بعضهم لبعض انّ أبانا كان شيخاً كبيراً قد ذهب عقله وخرف فهلمّوا فلنتعاقد عهداً فيما بيننا ان لا نعطي احداً من فقراء المسلمين في عامنا هذا شيئاً حتّى نستغني وتكثر اموالنا ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة فرضي بذلك اربعة وسخط الخامس وهو الذي قال الله قال اوسطهم الم اقل لكم لولا تسبّحون فقيل يا ابن عبّاس كان اوسطهم في السنّ فقال لا بل كان اصغر القوم سنّاً وكان اكبرهم عقلاً واوسط القوم خير القوم قال الله
{ { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } [البقرة: 143] فقال لهم اوسطهم اتّقوا الله وكونوا على مناهج ابيكم تسلموا وتغنموا فبطشوا به فضربوه ضرباً مبرماً فلمّا ايقن الأخ انّهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارهاً لأمرهم غير طائع فراحوا الى منازلهم ثمّ حلفوا بالله ان يصرموا اذا اصبحوا ولم يقولوا ان شاء الله فابتلاهم الله بذلك الذنب وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا اشرفوا عليه فأخبر عنهم في كتاب وقال انّا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنّة إذ اقسموا ليصرمنّها مصبحين ولا يستثون فطاف عليها طائف من ربّك وهم نائمون فأصبحت كالصّريم قال كالمحترق فقيل لابن عبّاس ما الصّريم قال اللّيل المظلم ثم قال لا ضوء به ولا نور فلمّا اصبح القوم تنادوا مصبحين ان اغدوا عَلى حَرثِكم انْ كنتم صارمين قال فانطلقوا وهم يتخافتون قيل وما التخافت يا ابن عبّاس قال يتسارّون يسارّ بعضهم بعضاً لكيلاً يسمع احد غيرهم فقالوا ألا يدخلنّها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين وفي انفسهم ان يصرموها ولا يعلمون ما قد حلّ بهم من سطوات الله ونقمته فلمّا رأوها وعاينوا ما قد حلّ بهم قالوا انّا لضالّون بل نحن محرومون فحرمهم الله ذلك الرزق بذنب كان منهم ولم يظلمهم شيئاً.
{ (33) كَذلِكَ الْعَذَابُ } مثل ما بلونا به اهل مكّة واصحاب الجنّة العذاب في الدنيا { وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ } اعظم منه { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } لاحترزوا عمّا يؤديّهم الى العذاب.
{ (34) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ } جنّات ليس فيها الاّ التنعّم الخالص.
{ (35) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ } انكار لقولهم ان صحّ انّا نبعث كما يزعم محمّد صلّى الله عليه وآله ومن معه لم يفضلونا بل نكون احسن حالاً منهم كما نحن عليه في الدنيا.
{ (36) مَا لَكُمْ كيْفَ تَحْكُمُونَ } التفات فيه تعجيب من حكمهم واستبعاد له واشعار بأنّه صادر من اختلال فكر واعوجاج رأي.
{ (37) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ } من السماء { فِيهِ تَدْرُسُونَ } تقرأون.
{ (38) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ } ان لكم ما تختارون وتشتهونه يقال تخيّر الشيء واختاره اخذ خيره وكسران لمكان اللاّم ويحتمل الاستيناف.
{ (39) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنا } عهود مؤكّدة بالأيمان { بالِغَةٌ } متناهية في التوكيد { إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } ثابتة لكم علينا الى يوم القيامة لا يخرج عن عهدته حتّى نحكمكم في ذلك اليوم { إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ } جواب القسم المضمّن في ام لكم ايمانٌ.