التفاسير

< >
عرض

قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنِّي ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ
١٤٤
وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ
١٤٥
-الأعراف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (144) قَالَ يَا مُوسَى إِنَّي اصْطَفَيْتُكَ } اخترتك { عَلَى النَّاسِ } أي الذين في زمانك وهرون وان كان نبييّاً مأموراً باتباعه ولم يكن كليماً ولا صاحب شرع { بِرِسَالاَتِي } يعني أسفار التوراة وقرء برسالتي { وَبِكَلاَمِي } وبتكليمي إيّاك { فَخُذْ مَآ ءَاتَيْتُكَ } ما أعطيتك من الرسالة { وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ } على النعمة فيه.
روي أن سؤال الرؤية كان يوم عرفة واعطاء التوراة يوم النحر.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال أوحى الله تعالى إلى موسى ان يا موسى تدري لما اصطفيتك بكلامي دون خلقي قال ربّ ولم ذاك قال فأوحى الله تعالى إليه يا موسى اني قلبت عبادي ظهراً لبطن فلم أجد فيهم أحداً أذلّ لي نفساً منك يا موسى إنّك إذاً صليت وضعت خدّك على التراب أو قال على الأرض، وفي العلل عنه عليه السلام ما يقرب منه.
{ (145) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ } وما يحتاجون إليه من أمر الدين { مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } وكانت زبرجدة من الجنة كما رواه.
العياشي عن الصادق عليه السلام وفي البصائر عن أمير المؤمنين عليه السلام أنها كانت من زمرّد أخضر { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } بجدّ وعزيمة القمّي أي قوة القلب { وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } بأحسن ما فيها كالصبر والعفو بالإضافة الى الانتقام والإِقتصاص وهو مثل قوله تعالى واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم وقوله فيتبعون أحسنه { سَأُرِيِكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ } منازل القرون الماضية المخالفة لأمر الله الخارجة عن طاعة الله ليعتبروا، العياشي عن الصادق عليه السلام في الجفر أنّ الله عزّ وجلّ لما أنزل الألواح على موسى أنزلها عليه وفيها تبيان كل شيء كان أو هو كائن إلى أن تقوم الساعة فلما انقضت أيام موسى أوحى الله إليه أن استودع الألواح وهي زبرجدة من الجنة جبلاً يقال له زينة فأتى موسى الجبل فانشق له الجبل فجعل فيه الألواح ملفوفة فلما جعلها فيه انطبق الجبل عليها فلم تزل في الجبل حتى بعث الله نبيه صلّى الله عليه وآله وسلم فأقبل ركب من اليمن يريدون الرسول.
فلما انتهوا الى الجبل انفرج الجبل وخرجت الألواح ملفوفة كما وضعها موسى فأخذها القوم فلما وقعت في أيديهم القى في قلوبهم أن لا ينظروا إليها وهابوها حتى يأتوا بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله جبرئيل على نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلم فأخبره بأمر القوم بالذي أصابوه فلما قدموا على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وسلموا عليه ابتدأهم فسألهم عمّا وجدوا فقالوا وما علمك بما وجدنا قال أخبرني به ربّي وهو الألواح قالوا نشهد أنّك لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلَّم فأخرجوها فوضعوها إليه فنظر إليها وقرأها وكانت بالعبراني.
ثم دعا أمير المؤمنين عليه السلام فقال دونك هذه ففيها علم الأولين والآخرين وهي ألواح موسى وقد أمرني ربّي أن أدفعها إليك فقال لست أحسن قرائتها قال إنّ جبرئيل أمرني أن آمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه فانك تصبح وقد علمت قرائتها قال فجعلها تحت رأسه فأصبح وقد علمه الله كلّ شيء فيها فأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بنسخها فنسخها في جلد وهو الجفر وفيه علم الأولين والآخرين وهو عندنا والألواح عندنا وعصا موسى عندنا ونحن ورثنا النبّيين أجمعين.
قال: قال أبو جعفر عليه السلام تلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى تحت شجرة في واد يعرف بكذا.
وفي البصائر أنّ الباقر عليه السلام عرّف تلك الصخرة ليماني دخل عليه وفيه هذا الخبر بنحو آخر عن أمير المؤمنين عليه السلام وفي آخره فأخذ النبي صلّى الله عليه وآله وسلم واذا هو كتاب بالعبرانية وفتق فدفعه إليّ ووضعته عند رأسي فأصبحت بالغداة وهو كتاب بالعربية جليل فيه علم ما خلق الله منذ قامت السموات والأرض إلى أن تقوم الساعة فعلمت ذلك.