التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
٢٩
فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
٣٠
يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ
٣١
-الأعراف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (29) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ } بالعدل والإِستقامة { وَأقِيمُوا وُجُوهَكُمْ } توجهوا إلى عبادته مستقيمين غير عادلين إلى غيرها أو أقيموها نحو القبلة { عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } في كل وقت سجود أو في كل مكان سجود وهو الصلاة.
في التهذيب عن الصادق عليه السلام هذه في القبلة وعنه عليه السلام مساجد محدثة فأُمروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام.
والعياشي مثل الحديثين وزاد في الأول ليس فيها عبادة الأوثان خالصاً مخلِصاً وعنه عليه السلام عند كل مسجد يعني الأئمّة { وَادْعُوهُ } واعبدوه { مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي الطاعة فإنَّ إليه مصيركم { كَمَا بَدَأَكُمْ } كما انشأكم ابتداءً { تَعُودُونَ } باعادته فيجازيكم على أعمالكم.
القمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية خلقهم حين خلقهم مؤمناً وكافراً وسقيّاً وسعيداً وكذلك يعودون يوم القيامة مهتد وضالّ.
{ (30) فَريقاً هَدَى } بأن وفقهم للإِيمان { وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ } أي الخذلان إذ لم يقبلوا الهدى فضلوا { إِنَّهُمُ اتَّخَذُواْ الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ اللهِ } أطاعُوهم فيما أمروهم به { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }.
القميّ وكأنّه تمام الحديث السابق وهم القدرية الذين يقولون لا قدر ويزعمون أنهم قادرون على الهدى والضلال وذلك اليهم إن شاؤا اهتدوا وان شاؤا ضلّوا وهم مجوس هذه الأمّة وكذب أعداء الله المشيئة والقدرة لله كما بدأهم يعودون من خَلَقَه شقيّاً يوم خلقه كذلك يعود إليه ومن خَلَقَه سعيداً يوم خَلَقَه يعود إليه سعيداً قال رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم
"الشقيّ من شِقى في بطن أمّه والسّعيد من سعد في بطن أمّه."
وفي العلل عنه عليه السلام أنّهم اتخذوا الشياطين أولياءَ من دون الله يعني أئمّة دون أئمّة الحقّ.
{ (31) يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } القمي قال في العيدين والجمعة يغتسل ويلبس ثياباً بيضاً.
وروي أيضاً المشط عند كل صلاة.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام يعني في العيدين والجمعة.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام أي خذوا ثيابكم التي تتزيّنون للصّلاة في الجمعات والأعياد.
والعياشي عن الرضا عليه السلام هي الثياب.
وعن الصادق عليه السلام هِيَ الأردية في العيدين والجمعة.
وفي الجوامع والعياشي كان الحَسَن بن عليّ عليهما السلام إذا قام الى الصلاة لبس أجود ثيابه فقيل له في ذلك فقال إنّ الله جميل يحبّ الجمال فأتجمّل لربي وقرء الآية.
وفي الفقيه عن الرضا عليه السلام من ذلك التمشّط عند كل صلاة.
والعياشي عن الصادق عليه السلام مثله.
وفي الخصال عنه عليه السلام في هذه الآية تمشّطوا فانّ التمشّط يجلب الرزق ويحسن الشّعر وينجز الحاجة في ماءِ الصّلب ويقطع البلغم وكان رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم يسرّح تحت لحيته أربعين مرّة ويمرّ فوقها سبع مرّات ويقول انّه يزيد في الرزق ويقطع البلغم.
وفي التهذيب عنه عليه السلام في هذه الآية قال الغسل عند لقاء كل إمام.
والعياشي عنه عليه السلام يعني الأئمّة عليهم السّلام وقيل هو أمر بلبس الثياب في الصّلاة والطّواف وكانوا يطوفون عراة ويقولون لا نعبد في ثياب اذنبنا فيها.
القميّ أنّ أناساً كانوا يطوفون عراة بالبيت الرجال بالنهار والنساء بالليل فأمرهم الله بلبس الثياب وكانوا لا يأكلون الا قوتاً فأمرهم الله أن يأكلوا ويشربوا ولا يسرفوا.
أقول: يعني في أيّام حجهم يعظّمون بذلك حجهم { وَكُلُوا وَاشْرَبُواْ } ما طاب لكم { وَلاَ تُسْرِفُوا } بالافراط والإِتلاف وبالتعدي الى الحرام وبتحريم الحلال وغير ذلك قيل لقد جمع الله الطبّ في نصف آية فقال كلوا واشربوا ولا تسرفوا وهو ناظر إلى الإِفراط في الأكل وهو مذموم في اخبار كثيرة { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } لا يرضى فعلهم.
العياشي عن الصادق عليه السلام قال أترى الله اعطى من أعطى من كرامته عليه ومنع من منع من هوان به عليه لا ولكنّ المال مال الله يضعه عند الرّجُل ودايع وجوز لهم أن يأكلوا قصداً ويشربوا قصداً ويلبسوا قصداً وينكحوا قصداً ويركبوا قصداً ويعودوا بما سوى ذلك على فقراءِ المؤمنين ويلمّوا به شعثهم فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالاً ويشرب حلالاً ويركب حلالاً وينكح حلالاً ومن عدا ذلك كان عليه حراماً ثم قال ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين أترى الله ائتمن رجلاً على مال خوّل له أن يشتري فرساً بعشرة آلاف درهم ويجزيه فرس بعشرين درهماً ويشتري جارية بألف دينار ويجزيه بعشرين ديناراً وقال لا تسرفوا أنّه لا يحبّ المسرفين وعنه عليه السلام قال من سأل الناس شيئاً وعنده ما يقوته يومه فهو من المسرفين.