التفاسير

< >
عرض

ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ
٥٥
وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٥٦
وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
٥٧
وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ
٥٨
-الأعراف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (55)ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } ذوي تضرّع وخفية فان الإِخفاء أقرب إلى الإِخلاص وقرء بكسر الخاءِ { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } المجاوزين ما أمروا به في الدعاء وغيره.
في المجمع
"عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أنه كان في غزاة فأشرف على واد فجعل الناس يهللون ويكبرون ويرفعون أصواتهم فقال يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم أما أنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً انكم تدعون سميعاً قريباً انه معكم" ، وفي مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام استعن بالله في جميع أُمورك متضرّعاً إليه آناء الليل والنهار قال الله تعالى ادعو ربّك تضرّعاً وخفيةً انّه لا يحب المعتدين والإِعتداء من صفة قرّاء زماننا هذا وعلامتهم.
{ (56) وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ } بالكفر والمعاصي { بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } ببعث الأنبياء وشرع الأحكام.
في الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام أنّ الأرض كانت فاسدة فأصلحها الله بنبيّه فقال ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها.
والقميّ أصلحها برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام فأفسدوها حين تركوا أمير المؤمنين عليه السلام { وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً } ذوي خوف من الردّ لقصور أعمالكم وعدم استحقاقكم وطمعاً في اجابته تفضلاً واحساناً لفرط رحمته { إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ } ترجيح للطمع وتنبيه على ما يتوسل به إلى الإِجابة.
في الفقيه في وصية النبي لعليّ صلوات الله وسلامه عليهما يا عليّ من يخاف ساحراً أو شيطاناً فليقرأ انّ ربّكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام الآية.
وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام من بات بأرض قفر فقرأ هذه الآية انّ ربّكم الله إلى قوله تبارك وتعالى ربّ العالمين حرسته الملائكة وتباعدت عنه الشياطين قال فمضى الرجل فاذا هو بقرية خراب فبات فيها ولم يقرء هذه الآية فتغشاه الشياطين فاذا هو أُخِذَ بخطمه فقال له صاحبه انْظِرْهُ واستيقظ الرجل فقرأ الآية فقال الشيطان لصاحبه أرغم الله أنفك احرسه الآن حتى يصبح فلما أصبح رجع إلى أمير المؤمنين فأخبره وقال له رأيت في كلامك الشفاء والصدق ومضى بعد طلوع الشمس فاذا هو بأثر شعر الشيطان مجتمعاً في الأرض الحديث.
{ (57) وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرَّيَاحَ بُشْراً } جمع نشور بمعنى ناشر وقرء بالتخفيف وبفتح النون وبالباء مخففة جمع بشير { بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } قدام رحمته يعني المطرفان الصبا تثير السحاب والشمال تجمعَهُ والجنوب يجلبه والدبور يفرقه { حَتَّى إِذَآ أقَلَّتْ } حملت { سَحَاباً } سحائب { ثِقَالاً } بالماء { سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } لأحيائه وقرء بتخفيف الياء { فَأنْزَلْنَا بِهِ الْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَراتِ } من كل أنواعها { كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى } نحييهم ونخرجهم من الأجداث { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } فتعلمون أن من قدر على ذلك قدر على هذا.
{ (58) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ } الأرض الكريمة التّربة { يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } بأمره وتيسّره عبّر به عن كثرة النبات وحسنه وغزارة نفعه بقرينة المقابلة { وَالَّذِي خَبُثَ } كالحرة والسبخة { لاَ يَخْرُجُ } نباته { إلاَّ نَكِداً } قليلاً عديم النفع { نُصَرِّفُ الآيَاتِ } نرددها ونكررها { لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } نعمة الله فيتفكرون فيها ويعتبرون بها، قيل الآية مثل لمن تدبر الآيات وانتفع بها ولمن لم يرفع إليها رأساً ولم يتأثر بها.
والقمّي مثل للأئمة يخرج علمهم باذن ربّهم ولأعدائهم لا يخرج علمهم الا كدراً فاسداً وفي المناقب قال عمرو بن العاص للحسين ما بال الحاكم أوفر من لحانا فقرء هذه الآية.