التفاسير

< >
عرض

وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ
٥
وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ
٦
وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ
٧
فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ
٨
فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ
٩
عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ
١٠
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
١١
وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً
١٢
وَبَنِينَ شُهُوداً
١٣
وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً
١٤
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ
١٥
كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً
١٦
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً
١٧
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ
١٨
فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
١٩
ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
٢٠
ثُمَّ نَظَرَ
٢١
ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ
٢٢
ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ
٢٣
فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ
٢٤
إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ
٢٥
-المدثر

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (5) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ } القمّي الرّجز الخبيث وقرىء بالضمّ وهو لغة فيه.
{ (6) وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ }.
القمّي عن الباقر عليه السلام لا تعط العطيّة تلتمس اكثر منها.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال في هذه الآية لا تستكثر ما عملت من خير لله.
{ (7) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } على مشاقّ التكليف واذى المشركين.
{ (8) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } فاذا نفخ في الصور.
{ (9) فذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ }.
{ (10) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } تأكيد يشعر بيسره على المؤمنين.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال انّ منّا اماماً مظفراً مستتراً فاذا اراد الله اظهار امره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله.
{ (11) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } قيل نزل في الوليد بن المغيرة عمّ ابي جهل فانّه كان يلقّب بالوحيد سمّاه الله به تهكّماً وقيل اي ذرني وحدي معه فانّي اكفيكه.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام انّ الوحيد من لا يعرف له أب.
{ (12) وَجَعلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً } مبسوطاً كثيراً.
{ (13) وَبَنِينَ شُهُوداً } حضوراً معه بمكّة يتمتّع بلقائهم.
{ (14) وَمَهَّدْتُ لَهُ تـَمْهِيداً } وبسطت له في الرّياسة والجاه العريض حتّى لقّب ريحانه قريش والوحيد.
{ (15) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ }على ما اُوتي وهو استبعاد لطمعه.
{ (16) كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لأَيَاتِنَا عَنِيداً }.
{ (17) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } ساغشيه عقبه شاقّة المصعد وهو مثل لما يلقى من الشدائد وروي انّ الصعود جبل من النار يصعد فيه سبعين خريفاً ثم يهوي فيه كذلك أبداً وفي رواية فاذا وضع يده عليه ذابت واذا رفعها عادت وكذلك رجله.
{ (18) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } فكّر فيما تخيّل طعناً في القرآن وقدّر في نفسه ما يقول فيه.
{ (19) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } تعجيب من تقديره.
{ (20) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } تكرير للمبالغة وثم للدلالة على الثانية ابلغ من الاولى.
{ (21) ثُمَّ نَظَرَ } اي في امر القرآن مرّة اخرى.
{ (22) ثُمَّ عَبَسَ } قطب وجهه ثمّ لما لم يجد فيه طعناً ولم يدر ما يقول { وَبَسَرَ } اتباع لعبس.
{ (23) ثُمَّ أَدْبَرَ } عن الحقّ { وَاسْتَكْبَرَ } عن اتّباعه.
{ (24) فَقَالَ إِنْ هذَا إلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } يروى ويتعلّم.
{ (25) إنَّ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرَ } القمّي نزلت في الوليد بن المغيرة وكان شيخاً كبيراً مجرّباً من دهاة العرب وكان من المستهزئين برسول الله صلّى الله عليه وآله وكان رسول الله يقعد في الحجر ويقرأ القرآن فاجتمعت قريش الى الوليد بن المغيرة فقالوا يا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمد صلّى الله عليه وآله اشعر هو ام كهانة ام خطب فقال دعوني اسمع كلامه فدنى من رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال يا محمد انشدني من شعرك قال ما هو شعر ولكنه كلام الله الذي ارتضته ملائكة وانبياؤه ورسله فقال اتل عليّ منه شيئاً فقرأه عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله حم السّجدة فلمّا بلغ قوله فان اعرضوا يا محمّد قريش فقل لهم انذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادٍ وثمود قال فاقشعرّ الوليد وقامت كلّ شعرة في رأسه ولحيته ومرّ الى بيته ولم يرجع الى قريش من ذلك اليوم فمشوا الى ابي جهل فقالوا يا با الحكم انّ ابا عبد شمس صبا إلى ادين محمد اما تراه لم يرجع الينا فغدا ابو جهل الى الوليد فقال له يا عمّ نكست رؤوسنا وفضحتنا وأشمتّ بنا عدّونا وصَبَوْتَ الى دين محمد صلّى الله عليه وآله فقال ما صبوت الى دينه ولكنّي سمعت منه كلاماً صعباً تقشعرّ منه الجلود فقال له ابو جهل اخطب هو قال لا انّ الخطب كلام متّصل وهذا كلام منثوراً ولا يشبه بعضه بعضاً قال افشعر هو قال لا اما انّي لقد سمعت اشعار العرب بسيطها ومديدها ورملها ورجزها وما هو بشعر قال فما هو قال دعني افكّر فيه فلمّا كان من الغد قالوا له يا ابا عبد شمس ما تقول فيما قلناه قال قولوا هو سحر فانّه اخذ بقلوب النّاس فأنزل الله على رسوله في ذلك { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } وَانّما سمّي وحيداً لأنّه قال لقريش انا أتوحّد بكسوة البيت سنة وعليكم في جماعتكم سنة وكان له مال كثير وحدائق كان له عشر بنين بمكّة وكان له عشرة عبيد عند كلّ الف دينار يتجرّ بها.
وفي الجوامع روي انّ الوليد قال لبني مخزوم والله لقد سمعت من محمّد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الانس ولا من كلام الجنّ انّ له لحلاوة وانّ عليه لطلاوة وانّ اعلاه لمثمر وانّ اسفله لمغدق وانّه يعلو وما يعلى فقالت قريش صبا والله وليد ليصبأنّ قريش فقال له ابو جهل انا اكفيكموه وقعد اليه حزيناً وكلّمه بما أجماه فقام فأتاهم فقال تزعمون انّ محمداً صلّى الله عليه وآله مجنون فهل رأيتموه يخنّق وتقولون انّ كاهن فهل رأيتموه يتحدّث بما يتحدّث به الكهنة وتزعمون انّه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعراً قطّ وتزعمون انّه كذّاب فهل جرّبتم عليه شيئاً من الكذب فقالوا في كلّ ذلك اللّهمّ لا قالوا له فما هو ففكّر فقال ما هو الاّ ساحر اما رأيتموه يفرّق بين الرجل واهله وولده ومواليه وما يقول سحر يؤثر عن اهل بابل فتفرّقوا متعجّبين منه.
وفي رواية اخرى للقمّي عن الصادق عليه السلام انّها نزلت في عمر في انكاره الولاية وانّه انّما سمّي وحيداً لأنّه كان ولد زنا ثمّ اوّل الآيات فيه.