التفاسير

< >
عرض

لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
١٦
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
١٧
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ
١٨
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ
١٩
كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ
٢٠
وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ
٢١
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ
٢٢
إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
٢٣
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ
٢٤
تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ
٢٥
كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ
٢٦
وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ
٢٧
وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ
٢٨
وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ
٢٩
إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ
٣٠
فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ
٣١
وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
٣٢
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ
٣٣
أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٤
ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٥
-القيامة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (16) لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } لا تحرّك يا محمد بالقرآن لسانك قبل ان يتمّ وحيه لتأخذه على عجلة مخافة ان ينفلت منك.
في المجمع عن ابن عبّاس كان النبيّ صلّى الله عليه وآله اذا نزل عليه القرآن عجّل بتحريك لسانه لحبّه ايّاه وحرصه على اخذه وضبطه مخافة ان ينساه فنهاه الله عن ذلك ويأتي في سبب نزوله وجه آخر عن القمّي عن قريب.
{ (17) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ } في صدرك { وَقُرْآنَهُ } وإثبات قراءته في لسانك هي تعليل للنهي.
{ (18) فَإِذا قَرَأْنَاهُ } بلسان جبرئيل عليك { فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } قرائته بتكراره حتى تقرر في ذهنك.
في المجمع عن ابن عباّس فكان النبيّ صلّى الله عليه وآله بعد هذا اذا نزل عليه جبرئيل اطرق فاذا ذهب قرأ.
{ (19) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ } بيان ما اشكل عليك من معانيه.
{ (20) كَلاَّ } لعلّه ردع عن القاء الانسان المعاذير مع انّه على نفسه بصيرة وما بينهما اعتراض { بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ } القمّي قال الدنيا الحاضرة.
{ (21) وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ } قال تدعون وقرىء بالياء فيهما.
{ (22) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ }.
{ (23) إلَى رَبَّها نَاظِرَةٌ } قال ينظرون الى وجه الله اي الى رحمة الله ونعمته وفي العيون عن الرضا عليه السلام قال يعني مشرقة تنتظر ثواب ربّها.
وفي التوحيد والاحتجاج عن امير المؤمنين عليه السلام في حديث قال ينتهي اولياء الله بعد ما يفرغ من الحساب الى نهر يسمّى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه فتبيضّ وجوههم اشراقاً فيذهب عنهم كلّ قذى ووعث ثمّ يؤمرون بدخول الجنّة فمن هذا المقام ينظرون الى ربّهم كيف يثيبهم قال فذلك قوله تعالى الى ربّها ناظرة وانّما يعني بالنّظر اليه النظر الى ثوابه تبارك وتعالى.
وزاد في الإِحتجاج والنّاظرة في بعض اللغة هي المنتظرة الم تسمع الى قوله فناظرة بم يرجع المرسلون اي منتظرة.
{ (24) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ } شديدة العبوس.
{ (25) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } داهية تكسر الفقار.
{ (26) كَلاَّ } ردع على ايثار الدنيا على الآخرة { إِذَا بَلَغَتِ التَّراقِيَ } القمّي قال يعني النّفس اذا بلغت الترقوة.
{ (27) وَقِيلَ مَنْ راقٍ } قال يقال له من يرقيك.
{ (28) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ } علم انّه الذي نزل به فراق الدنيا ومحابّها.
{ (29) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } التوت شدّة فراق الدنيا بشدّة خوف الآخرة.
{ (30) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساق } القمّي قال يساقون الى الله.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال ذلك ابن آدم اذا حلّ به الموت قال هل من طبيب انّه الفراق ايقن بمفارقة الأحبّة قال والتفّت السّاق بالساق التفّت الدنيا بالآخرة الى ربّك يومئذ المساق قال المصير الى ربّ العالمين.
{ (31) فَلاَ صَدَّقَ } ما يجب تصديقه { وَلاَ صَلَّى } ما فرض عليه.
{ (32) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى } عن الطاعة.
{ (33) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى } يتبختر افتخاراً بذلك من المط.
{ (34) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى } قيل اي ويل لك.
{ (35) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى } اي يتكرّر ذلك عليك مرّة بعد اخرى.
وفي العيون عن الجواد عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال يقول الله عزّ وجلّ بُعداً لك من خير الدنيا وبَعداً لك من خير الآخرة القمّي قال كان سبب نزولها انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله دعا الى بيعة عليّ عليه السلام يوم غدير خم فلمّا بلغ الناس واخبرهم في عليّ عليه السلام ما اراد ان يخبر رجعوا النّاس فاتّكى معاوية على المغيرة بن شعبة وابي موسى الأشعري ثمّ اقبل يتمطّى نحو اهله ويقول ما نقر لعليّ بالولاية ابداً ولا نصدّق محمّداً صلّى الله عليه وآله مقالته فأنزل الله جلّ ذكره فلا صدّق ولا صلّى الآيات فصعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر وهو يريد البراءة منه فأنزل الله { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لتعجل به } فسكت رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يسمّه.
وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه اخذ بيد ابي جهل ثمّ قال له اولى لك فأولى ثمّ اولى لك فأولى فقال ابو جهل بأيّ شيء تهدّدني لا تستطيع انت ولا ربّك ان تفعلا بي شيئاً او انّي لاعزّ اهل هذا الوادي فأنزل الله سبحانه كما قال له رسول لله صلّى الله عليه وآله.