التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً
٤
إِنَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً
٥
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً
٦
يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً
٧
وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً
٨
إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً
٩
إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً
١٠
-الإنسان

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (4) إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكِافِرِينَ سَلاسِلَ } بها يقادون { وَأَغْلالاً } بها يقيدون { وَسَعِيراً } بها يحرقون وقرىء سلاسلاً للمناسبة.
{ (5) إِنَّ الأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ } من خمر وهي في الأصل القدح تكون فيه { كَانَ مِزَاجُهَا } ما يمزج بها { كَافُوراً } لبرده وعذوبته وطيب عرفه.
{ (6) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عَِبادُ اللَّهِ } القمّي اي منها { يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً } يجرونها حيث شاؤوا إجراءً سهلاً.
في المجالس عن الباقر عليه السلام هي عين في دار النبيّ صلّى الله عليه وآله يفجّر الى دور الانبياء والمؤمنين.
{ (7) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } بيان لما رزقوا لأجله وهو ابلغ في وصفهم بالتوفّر على اداء الواجبات لأنّ من وفى بما اوجبه على نفسه كان اوفى بما اوجبه الله عليه { وَيَخافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } شدائده فاشياً منتشراً غاية الانتشار القمّي المستطير العظيم.
وفي المجالس عن الباقر عليه السلام يقول كلوحاً عابساً.
{ (8) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلَى حُبِّهِ } حبّ الطعام.
في المجالس عن الباقر عليه السلام يقول على شهوتهم للطعام وايثارهم له { مِسْكِيناً } قال مساكين المسلمين { وَيَتِيماً } قال من يتامى المسلمين { وَأَسِيراً } قال من اسارى المشركين.
{ (9) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزاءً وَلاَ شُكُوراً } قال يقولون اذا اطعموهم ذلك قال والله ما قالوا هذا لهم ولكنّهم اضمروه في انفسهم فاخبر الله باضمارهم يقولون لا نريد منكم جزاء تكافؤننا به ولا شكوراً تثنون علينا به ولكنّا انّا اطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه.
{ (10) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً } يعبس فيه الوجوه { قَمْطَرِيرَاً } شديد العبوس.
في المجمع قد روى الخاص والعام انّ الآيات من هذه السورة وهي قوله انّ الابرار يشربون الى قوله كان سعيكم مشكوراً نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وجارية لهم تسمّى فضّة والقصّة طويلة جملتها انّه مرض الحسن والحسين فعادهما جدّهما ووجوه العرب وقالوا يا ابا الحسن لو نذرت على ولديك نذراً فنذر صوم ثلاثة ايّام ان شفاهما الله سبحانه ونذرت فاطمة عليها السلام وكذلك فضّة فَبرءا وليس عندهم شيئ فاستقرض عليّ عليه السلام ثلاثة اصوع من شعير من يهودي وروي انّه اخذها ليغزل له صوفاً وجاء به الى فاطمة فطحنت منها صاعاً فاختبزته وصلّى عليّ عليه السلام المغرب وقرّبته اليهم فاتاهم مسكين يدعو لهم وسألهم فأعطوه ولم يذوقوا الاّ الماء فلمّا كان اليوم الثاني اخذت صاعاً فطحنته واختبزته وقدمته الى عليّ عليه السلام فاذا يتيم على الباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا الاّ الماء فلمّا كان اليوم الثالث عمدت الى الباقي فطحنته واختبزته وقدّمته الى عليّ عليه السلام فاذا اسير بالباب يستطعم فاعطوه ولم يذوقوا الاّ الماء فلمّا كان اليوم الرّابع وقد قضوا نذورهم اتى عليّ عليه السلام ومعه الحسن والحسين عليها السلام الى النبيّ صلّى الله عليه وآله وبهما ضعف فبكى رسول الله صلّى الله عليه وآله ونزل جبرئيل عليه السلام بسورة هل اتى.
وفي رواية انّ عليّ بن ابي طالب عليه السلام آجر نفسه ليسقي نخلاً بشيء من شعير ليلة حتّى اصبح فلمّا اصبح وقبض الشعير طحن ثلثه فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه يقال له الحريرة فلمّا تمّ انضاجه اتى مسكين فأخرجوا اليه الطعام ثم عمل الثلث الثاني فلمّا اتى انضاجه اتى يتيم فسأل فأطعموه ثم عمل الثلث الثالث فلمّا اتى انضاجه اتى اسير من المشركين فسأل فأطعموه وطووا يومهم ذلك.
والقمّي عن الصادق عليه السلام كان عند فاطمة شعير فجعلوه عصيدة فلمّا انضجوها ووضعوا بين ايديهم جاء مسكين فقال المسكين رحمكم الله اطعمونا ممّا رزقكم الله فقام عليّ عليه السلام فأعطاه ثلثها فلم يلبث ان جاء يتيم فقال اليتيم رحمكم الله فقالم عليّ عليه السلام فأعطاه الثلث ثم جاء اسير فقال الأسير رحمكم الله فأعطاه عليّ عليه السلام الثلث الباقي وما ذاقوها فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم وهي جارية في كلّ مؤمن فعل ذلك لله عزّ وجلّ.
وفي المجالس عن الصادق عن ابيه عليهما السلام ما يقرب ممّا ذكره.
في المجمع بالرواية الأولى ببسط من الكلام مع زيادات من حكاية افعالهم واقوالهم عليهم السلام وذكر فيه وقال الصبيان ونحن ايضاً نصوم ثلاثة أيّام فألبسهما الله عافية فأصبحوا صياماً وفي آخره فهبط جبرئيل فقال يا محمّد خذ ما هنّأه الله لك في اهل بيتك قال وما اخذ يا جبرئيل قال هل اتى الى قوله وكان سعيكم مشكوراً وفي المناقب عن اكثر من عشرين من كبار المفسّرين.
وبرواية اهل البيت عن الباقر عليه السلام ما يقرب ممّا ذكره في المجالس الاّ انّه ليس فيه ذكر صيام الصبيين وفي آخره فرآهم النبيّ صلّى الله عليه وآله جياعاً فنزل جبرئيل ومعه صفحة من الذّهب مرصّعة بالدرّ والياقوت مملوءة من الثّريد وعراق يفوح منها رائحة المسك والكافور فجلسوا واكلوا حتّى شبعوا ولم ينقص منها لقمة واحدة وخرج الحسين ومعه قطعة عراق فنادته يهوديّة يا اهل بيت الجوع من اين لكم هذه أطعمنيها فمدّ يده الحسين عليه السلام ليطعمها فهبط جبرئيل واخذها من يده ورفع الصّفحة الى السماء فقال لولا ما اراد الحسين عليه السلام من اطعام الجارية تلك القطعة والاّ لتركت تلك الصفحة في اهل بيتي يأكلون منها الى يوم القيامة ونزل يوفون بالنّذر وكانت الصدقة في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجّة ونزلت هل اتى في اليوم الخامس والعشرين منه.