التفاسير

< >
عرض

مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ
١٩
ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ
٢٠
ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ
٢١
ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ
٢٢
كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ
٢٣
فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ
٢٤
أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً
٢٥
ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً
٢٦
فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً
٢٧
وَعِنَباً وَقَضْباً
٢٨
وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً
٢٩
وَحَدَآئِقَ غُلْباً
٣٠
وَفَاكِهَةً وَأَبّاً
٣١
مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ
٣٢
فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ
٣٣
يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ
٣٤
وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ
٣٥
-عبس

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (19) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } فهيّأه لما يصلح له من الاعضاء والاشكال اطوار الى ان تمّ خلقته.
{ (20) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } القمّي قال يسّر له طريق الخير.
{ (21) ثُمَّ أَماتَهُ فَأقْبَرَهُ }.
{ (22) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ } عدّ الإِماتة والاقبار في النّعم لأنّ الاماتة وصلة في الجملة الى الحياة الأبديّة واللّذّات الخالصة والامر بالقبر تكرمة وصيانة عن السباع.
{ (23) كَلاَّ } ردع للإِنسان عمّا هو عليه { لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ } لم يقض بعد من لدن آدم الى هذه الغاية ما امره الله بأسره اذ لا يخلوا احد من تقصير ما.
{ (24) فَلْيَنْظُرِ الإِنسانُ إِلَى طَعامِهِ } اتباع للنعم الذاتية بالنّعم الخارجية.
{ (25) إِنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبَّاً } وقرىء انّا بالفتح.
{ (26) ثُمَّ شَقَقْنا الأَرْضَ شَقّاً } اي بالنبات.
{ (27) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبَّاً }.
{ (28) وَعِنَباً وَقَضْباً } يعني الرطبة القمّي قال القضب القتّ.
{ (29) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً }.
{ (30) وَحَدَائِقَ غُلْباً } عظاماً وصف به الحدائق لتكاثفها وكثرة اشجارها.
{ (31) وَفاكِهَةً وَأبَّاً } ومرعى القمّي قال الأبّ الحشيش للبهائم.
{ (32) مَتاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ }.
في ارشاد المفيد روي انّ ابا بكر سئل عن قول الله تعالى وفاكهة وَأَبَّا فلم يعرف معنى الابّ من القرآن وقال ايّ سماء تظلّني ام ايّ ارض تقلّني ام كيف اصنع ان قلت في كتاب الله بما لا اعلم امّا الفاكهة فنعرفها وامّا الأبّ فالله اعلم به فبلغ امير المؤمنين عليه السلام مقاله في ذلك فقال سبحان الله اما علم انّ الابّ هو الكلاء والمرعى وانّ قوله سبحانه وفاكهة وابّاً اعتداد من الله بانعامه على خلقه فيما اغذاهم به وخلقه لهم ولانعامهم ممّا تحيى به انفسهم وتقوم به اجسادهم.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انّه قيل له في قوله تعالى فَلْيَنْظُرِ الإنْسانْ إلى طعامه ما طعامه قال علمه الذي يأخذ عمّن يأخذه.
أقولُ: وذلك لأنّ الطعام يشمل طعام البدن وطعام الروح جميعاً كما انّ الانسان يشمل البدن والروح معاً فكما انّ مأمور بأن ينظر الى غذائه الجسمانيّ ليعلم انّه نزل من السماء من عند الله سبحانه بأن صبّ الماء صبّاً الى آخر الآيات فكذلك مأمور بأن ينظر الى غذائه انّه الرّوحاني الذي هو العلم ليعلم انّه نزل من السماء من عند الله عزّ وجلّ بأن صبّ امطار الوحي الى ارض النبوّة وشجرة الرّسالة وينبوع الحكمة فأخرج منها حبوب الحقائق وفواكه المعارف ليغتذي بها ارواح القابلين للتربية فقوله علمه الذي يأخذه عمّن يأخذه اي ينبغي له ان يأخذ علمه من اهل بيت النبوّة الذين هم مهابط الوحي وينابيع الحكمة الآخذون علومهم من الله سبحانه حتّى يصلح لأن يصير غذاء لروحه دون غيرهم ممّن لا رابطة بينه وبين الله من حيث الوحي والالهام فانّ علومهم امّا حفظ اقاويل رجال ليس في اقوالهم حجّة وامّا آلة جدال لا مدخل لها في المحجّة وليس شيء منهما من الله عزّ وجلّ بل من الشيطان فلا يصلح غذاء للرّوح والايمان ولمّا كان تفسير الآية ظاهراً لم يتعرّض له وانّما تعرّض لتأويلها بل التحقيق انّ كلا المعنيين مراد من اللفظ باطلاق واحد.
{ (33) فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ } اي النفخة وصفت بها مجازاً لأنّ الناس يضجّون لها.
{ (34) يَوْمَ يفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ }.
{ (35) وَأُمَّهِ وَأَبِيهِ }.