التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
١٨
وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً
١٩
وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً
٢٠
كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً
٢١
وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً
٢٢
وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ
٢٣
يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي
٢٤
فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ
٢٥
وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ
٢٦
يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ
٢٧
ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً
٢٨
فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي
٢٩
وَٱدْخُلِي جَنَّتِي
٣٠
-الفجر

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (18) وَلاَ تَحاضُّونَ عَلَى طَعامِ الْمِسْكِينَ } اي بل فعلهم اسوء من قولهم وادلّ على تهالكهم بالمال وهو انّهم لا يكرمون اليتيم بالتفقّد والمبرّة واغنائهم عن ذلّ السؤال ولا يحثون اهلهم على طعام المسكين فضلاً عن غيرهم.
{ (19) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ } الميراث { أَكْلاً لَمَّاً } ذا لمّ اي جمع بين الحلال والحرام فانّهم كانوا لا يورّثون النساء والصبيان ويأكلون انصبائهم او يأكلون ما جمعه المورّث من حلال وحرام عالمين بذلك.
{ (20) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبَّاً جَمَّاً } كثيراً مع حرص وشهوة وقرىء بالتاء في الجميع على الالتفات او تقدير قل.
{ (21) كَلاَّ } ردع لهم عن ذلك وما بعده وعيد عليه { إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكَّاً دَكَّاً } بعد دكّ حتّى صارت منخفضة الجبال والتلال او هباءً منبثّاً.
القمّي عن الباقر عليه السلام قال هي الزّلزلة.
{ (22) وَجَآءَ رَبُّكَ } اي امر ربّك.
كذا في التوحيد والعيون عن الرضا عليه السلام اي ظهرت آيات قدرته وآثار قهره مُثّل ذلك بما يظهر عند حضور السلطان من آثار هيبته وسياسته { وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } بحسب منازلهم ومراتبهم.
{ (23) وَجِىءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } كقوله وبرّزت الْجَحِيم.
القمّي عن الباقر عليه السلام قال لمّا نزلت هذه الآية ويجيء يومئذ بجهنّم سئل عن ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال اخبرني الرّوح الامين انّ الله لا اله غيره اذا برز الخلايق وجمع الأوّلين والآخرين اتى بجهنّم تقاد بألف زمام اخذ بكلّ زمام مأة الف تقودها من الغلاظ الشداد لها هدة وغضب وزفير وشهيق وانّها لتزفر زفرة فلولا انّ الله اخّرهم للحساب لأهلكت الجميع ثم يخرج منها عنق فيحيط بالخلائق البرّ منهم والفاجر ما خلق الله عبداً من عباد الله ملكاً ولا نبيّاً الاّ ينادي ربّ نفسي نفسي وانت يا نبيّ الله تنادي امّتي امّتي ثم يوضع عليها الصراط ادقّ من الشعر واحدّ من حدّ السيف عليها ثلاثة قناطر فامّا واحدة فعليها الامانة والرّحم والثانية فعليها الصلاة والثالثة فعليها ربّ العالمين لا اله غيره فيكلّفون الممرّ عليها فيحبسهم الرحم والامانة فان نجوا منها حبستهم الصلاة فان نجوا منها كان المنتهى الى ربّ العالمين وهو قوله انّ ربّك لبالمرصاد والنّاس على الصراط فمتعلّق بيد وتزلّ قدم ويستمسك بقدم والملائكة حولها ينادون يا حليم اعف واصفح وعد بفضلك وسلّم سلّم والنّاس يتهافتون في النار كالفراش فيها فاذا نجا ناج برحمة الله مرّ بها فقال الحمد لله وبنعمته تتمّ الصالحات وتزكواالحسنات والحمد لله الذي نجّاني منك بعد اياس بمنّه وفضله انّ ربّنا لغفور شكور.
وفي الكافي ما في معناه { يَوْمَئِذٍِ يَتَذَكَّرُ الإِنسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى } منفعة للذكرى.
{ (24) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لَِحَياتِي } اي لحياتي هذه وقت حياتي في الدنيا اعمالاً صالحة.
{ (25) فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ } اي مثل عذابه.
{ (26) وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } اي مثل وثاقه لتناهيه في كفره وعناده والقمّي قال هو الثاني وقرىء على بناء المفعول فيهما.
وفي المجمع رواها عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وهي احسن لما في توجيه الاولى من التكلّف بتقدير الاّ الله او غير ذلك.
{ (27) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ } على ارادة القول وهي التي اطمأنّت الى الحقّ { (28) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ } كما بدأت منه { راضِيَةً مَرْضِيَّةً }.
{ (29) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي }.
في الكافي عن الصادق عليه السلام انّه سئل هل يكره المؤمن على قبض روحه قال لا والله انّه اذا اتاه ملك الموت ليقبض روحه جزع عند ذلك فيقول له ملك الموت يا وليّ الله لا تجزع فوالّذي بعث محمداً صلّى الله عليه وآله لأَنَا ابّر بك واشفق عليك من والد رحيم لو حضرك افتح عينيك فانظر قال ويمثّل له رسول الله صلّى الله عليه وآله وامير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة عليهم السلام فيقال له هذا رسول الله صلّى الله عليه وآله وامير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة.
عليهم السلام رفقاؤك فيفتح عينيه فينظر فينادي روحه مناد من قبل ربّ العزّة فيقول يا ايّتها النّفس المطمئنّة الى محمّد واهل بيته عليه السلام ارجعي الى ربّك راضية بالولاية مرضيّة بالثواب فادخلي في عبادي يعني محمّداً صلّى الله عليه وآله واهل بيته عليهم السلام وادخلي جنّتي فما من شيء احبّ اليه من استلال روحه واللحوق بالمنادي والقمّي قال في معناه مختصراً وعنه عليه السلام في هذه الآية يعني الحسين ابن عليّ عليهما السلام.
في ثواب الأعمال والمجمع عنه عليه السلام اقرؤوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم فانّها سورة الحسين بن علي عليهما الصلاة والسلام من قرأها كان مع الحسين عليه السلام يوم القيامة في درجة من الجنّة.