التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
١٠٤
وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٠٥
-التوبة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (104) أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } إذا صحّت { وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ } إذا صَدرت عن خلُوص النّية يقبلها قبول من يأخذ شيئاً ليؤدّي بدله.
في التوحيد عن الصادق عليه السلام في حديث والأخذ في وجه القبول منه كما قال ويأخذ الصدقات أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها.
وفي الكافي عنه عليه السلام أنّ الله يقول ما من شيء إلاّ وقد وكّلت به من يقبضه غيري إلاّ الصدقة فانّي أتلقّفها بيدي تلقّفاً حتى أنّ الرجل ليتصدق بالتمرة أو بشّق التمرة فأربّيها له كما يربّي الرجل فلوه وفصيله فيأتي يوم القيامة وهو مثل أُحد وأعظم من أُحد.
والعياشي عن السّجّاد عليه السلام ضمنت على رَبّي أنّ الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرّب وهو قوله { هو يقبل التّوبة عن عباده ويأخذ الصَّدَقات }.
وعنه عليه السلام أنّه كان اذا أعطى السائل قبل يد السائل فقيل له لم تفعل ذلك قال لأنّها تقع في يد الله قبل يد العبد وقال ليس من شيء إلاّ وكّل به ملك إلاّ الصدقة فانّها تقع في يد الله قال الرّاوي أظنّه يقبّل الخبز أو الدّرهم.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام كان أبي إذا تصدق بشيء وضعه في يد السائل ثم ارتدّه منه وقبّله وشمّه ثم ردّه في يد السائل.
وفي الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام إذا ناولتم السائل شيئاً فاسألُوه أن يدعو لكم فانّه يجاب له فيكم ولا يجاب في نفسه لأنّهم يكذبون وليردّ الذي ناوله يده إلى فيه فيقبّلها فانّ الله تعالى يأخذها قبل أن تقع في يده كما قال تعالى { ألم يعلموا أنّ الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصّدقات } { وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ } من شأنه قبول توبة التائبينَ والتفضّل عليهم.
{ (105) وَقُلِ اعْمَلُواْ } ما شئتم { فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمؤْمِنُونَ } خيراً كان أو شرّاً.
في الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام أنّه ذكر هذه الآية فقال هو والله أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وعن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال والمؤمنون هم الأئمة عليهم السلام. والقميّ عنه عليه السلام مثله.
وفي الكافي عنه عليه السلام قال إيّانا عني وعنه عليه السلام أنّه قرأ هذه الآية فقال ليس هكذا هي إنّما هي والمأمونون فنحنُ المأمونون.
وفيه والعياشي عنه عليه السلام قال تعرض الأعمال على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم أعمال العباد كل صباح ابرارها وفجّارها فاحذروها وهو قول الله تعالى { وقل اعملوا } الآية.
والعياشي عنه عليه السلام في هذه الآية قال إنّ الله شاهد في أرضه وإنّما أعمال العباد تعرض على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم.
وفي الكافي عنه عليه السلام ما لكم تسُوؤن رسول الله فقيل كيف نسوؤه فقال: اما تعلمون أنَّ أعمالكم تعرض عليه فاذا رأى معْصيةً فيها ساءه ذلك فلا تسوؤا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وسرّوه.
وعن الرضا عليه السلام أنّه قيل له ادع الله لي ولأهل بيتي فقال أولست أفعل والله انّ أعمالكم تعرض عليّ في كلّ يوم وليلة قال فاستعظمت ذلك فقال أما تقرأ كتاب الله فقال { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون } قال هو والله عليّ بن أبي طالب.
والقميّ عن الصادق عليه السلام أن اعمال العباد تعرض على رسول الله صلَّى الله عليه وآله سلم كل صباح أبرارها وفجّارها فاحذروا وليستحي أحدكم أن يعرض على نبيّه العمل القبيحَ.
وعنه عليه السلام والعياشي عن الباقر عليه السلام ما من مؤمن يموت أو كافر يوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وعلى أمير المؤمنين عليه السلام وهلّم جرّاً إلى آخر من فرض الله طاعته على العباد فذلك قوله { وقل اعملوا فيسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون } { وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } بالموت { فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } بالمجازاة.