التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ
٢٠
يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ
٢١
خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
٢٢
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٢٣
قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ
٢٤
لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
٢٥
-التوبة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (20) الَّّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ } أعظم درجةً وأكثر كرامة ممّن لم يستجمع هذه الصفات { وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَآئِزُونَ } المختصُّون بالفوز ونيل الحسنى عند الله.
{ (21) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ } دائمٌ والتنكير المبشر به اشعار بأنه وراء التوصيف والتعريف.
{ (22) خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً إِنَّ اللهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } يستحقر دونه كلّ أجر.
{ (23) يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ءَابَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيْمَانِ } اختاروه عليه قيل لما أمروا بالهجرة فكان يمنعهم منها اقرباؤهم فمنهم من كان يتركها لأجلهم فنزلت.
وفي المجمع عنهما عليهما السلام نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حيث كتب إلى قريش يخبرهم بخبر النّبي صلَّى الله عليه وآله وسلم لما أراد فتح مكة.
والعياشي عن الباقر عليه السلام الكفر في الباطن في هذه الآية ولاية الأوّل والثاني والإِيمان ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } بوضعهم الموالاة في غير موضعها.
{ (24) قُلْ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ } أقرباؤكم وقرئ عشيراتكم { وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا } اكتسبتموها { وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهآ أَحَبَّ إلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتِىَ اللهُ بِأَمْرِهِ } وعيده والأمر عقوبة { وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } لا يرشدهم.
القميّ لما أذن أمير المؤمنين عليه السلام بمكة أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام جزعت قريش جزعاً شديداً وقالوا ذهبت تجارتنا وضاع عيالنا وخربت دورنا فأنزل الله عزّ وجلّ في ذلك { قل } يا محمّد { ان كان آباؤكم } الآية.
أقول: في الآية تشديد عظيم وقلّ من يتخلّص عنه
وفي الحديث
"لا يجد أحدكم طعم الإِيمان حتى يحبّ في الله ويبغض في اللهِ"
{ (25) لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ } يعني مواطن الحرب وهي مواقعها ومواقفها.
في الكافي والعياشي والقميّ عن الهادي عليه السلام انها كانت ثمانين موطناً { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ } وهو واد بين مكّة وطائف { إذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ } في الْجَوَامِعِ لما التقوا قال رجل من المسلمين لن نغلب اليوم من قلّةِ فساءت مقالته رسول اللهِ صلَّى الله عليه وآله وسلم قيل كان قائلها أبو بكر.
والعياشي عن الصادق عليه السلام في قوله { إذ اعجبتكم كثرتكم } إلى قوله { ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ } قال أبو فلان { فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ } الكثرة { شَيْئاً } من الغنى أوامر العدّو وذلك لما أدركتهم كلمة الإِعجاب { وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ } بسعتها لا تجدون فيها مقرّاً تطمئنّ إليه نفوسكم من شدّة الرّعب { ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ } منهزمين.