التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ
٢٦
-التوبة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (26) ثُمَّ أَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ }.
القميّ عن الباقر عليه السلام وهو القتل يعني العذاب { وَذَلِكَ جَزَآءُ الْكَافِرِينَ } القميّ كان سبب غزوة حنين أنه لما خرج رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم إلى فتح مكة اظهر أنّه يريد هوازن وبلغ الخبر هوازن فتهيّئوا وجمعوا الجموع والسّلاح واجتمع رؤساء هوازن إلى مالك بن عوف النّضريّ فرأَسوه عليهم وخرجوا وساقوا معهم أموالهم ونساءَهم وذراريهم ومرّوا حتى نزلوا بأوطاس قال ولمّا بلغ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم اجتماع هوازن بأوطاس فجمع القبائل ورغبهم في الجهاد ووعدهم النصر وان الله قد وعده أن يغنمه أموالهم ونساءهم وذراريهم فرغب الناس وخرجوا على راياتهم وعقد اللّواء الأكبر ودفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام وكل من دخل مكة براية أمره أن يحملها وخرج في اثني عشر ألف رجل عشرة آلاف ممّن كان معه.
وعن الباقر عليه السلام قال وكان معه من بني سليم ألف رجل رئيسهم عباس بن مرداس السّلمي ومن مزينة ألف رجل قال فمضوا حتى كان من القوم مسيرة بعض ليلة قال وقال مالك بن عوف لقومه ليصيّر كل رجل منكم اهله او ماله خلف ظهره واكسروا جفون سيوفكم واكمنوا في شعاب هذا الوادي وفي الشّجر فاذا كان في غَلَس الصبح فأحملوا حملة رجل واهدّوا القوم فانّ محمّداً لم يلق أحداً يحسن الحرب قال فلمّا صلّى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الغداة انحدر في وادي حنين وهو واد له انحدار بعيد وكان بنو سليم على مقدّمته فخرج عليهم كتائب هوازن من كلّ ناحية فانهزمت بنو سليم وانهزم من ورائهم ولم يبق أحد إلاّ انهزم.
وبقي أمير المؤمنين عليه السلام يقاتلهم في نفر قليل ومرّ المنهزمون برسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لا يلوون على شيءٍ وكان العباس آخذاً بلجام بغلة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم عن يمينه وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب عن يساره فأقبل رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ينادي يا معشر الأنصار إلى أين إلى أين أنا رسول لله فلم يلو أحد عليه وكانت نسيبة بنت كعب المازنيّة تحثو [أي ترمي] في وجوه المنهزمين التّراب وتقول إلى أين تفّرون عن الله وعن رسوله.
ومرّ بها عمر فقالت ويلك ما هذا الذي صنعت فقال لها هذا أمر الله فلمّا رأى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم الهزيمة ركض نحو عليّ بغلته وقد شهر سيفه فقال يا عبّاس وكان صيّتاً رفيع الصوت اصعد هذا الظرب وناد يا أصحاب البقرة ويا أصحاب الشّجرة إلى أين تفرّون هذا رسول الله.
ثم رفع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم يده فقال اللّهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان فنزل عليه جبرئيل فقال يا رسول الله دعوت بما دعا به موسى عليه السلام حيث فلق الله البحر ونجّاه من فرعون ثم قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لأبي سفيان بن الحارث ناولني كفّاً من حصى فناوله فرماه في وجوه المشركين ثم قال شاهت الوجوه ثم رفع رأسه إلى السماءِ وقال اللّهُمّ إن تهلك هذه العصابة لم تعبد وان شئت ان لا تعبد لا تعبد.
فلما سمعت الأنصار نداء العباس عطفوا وكسروا جفون سيوفهم وهم يقولون لبّيك ومرّوا برسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم واستحيُوا أن يَرجعُوا إليه ولحقوا بالرّاية فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم للعبّاس من هؤلاءِ يا أبا الفضل فقال يا رسول الله هؤلاءِ الأنصار فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم الآن حمي الوَطيس ونزل النّصر من الله وانهزمت الهوازن وكانوا يسمعون قعقة السلاح في الجّو وانهزموا في كلّ وجه وغنم الله ورسوله أموالهم ونساءهم وذراريهم وهو قول الله
{ { لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ } [التوبة: 25] قال وقال رجل من بني نضر بن معاوية يقال له شجرة بن ربيعة للمؤمنين وهو أسير في أيديهم أين الخيل البلق والرجال عليهم الثّياب البيض فانّما كان قتلنا بأيديهم وما كنّا نراكم فيهم إلاّ كهيئة الشّامة قالوا تلك الملائكة.
وفي الكافي عن الرّضا عليه السلام أنّه سئل ما السّكينة فقال ريح من الجنّة لها وجه كوجه الإِنسان أطيب ريحاً من المسك وهي الّتي أنزلها الله على رسوله بحنين فهزم المشركين.
وعن الصادق عليه السلام قال قتل عليّ بن أبي طالب عليه السلام يوم حنين أربعين.