التفاسير

< >
عرض

لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٦
وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٧
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ
٢٨
-يونس

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ } جواب لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل: ما لمن انتفع بالآيات وقبل الدّعوة واهتدى؟ - فقال: للّذين احسنوا منهم العاقبة الحسنى، او المثوبة الحسنى، واصل الاحسان قبول الولاية وكلّ قول وفعل وحال وخلق يكون للانسان من جهة الولاية كان احساناً لانّ الحسن الحقيقىّ هو الولاية المطلقة الّتى مظهرها علىّ (ع)، والولايات الجزئيّة حسنة بحسنها وكلّ من اتّصل بالبيعة الخاصّة بعلىّ (ع) بلا واسطة او بواسطة الاولياء الجزئيّة صار ذا حسنٍ، وهو المراد بالاحسان هنا، ومن صار ذا حسن ولم ينقطع حبل اتّصاله ولا ينقطع الاّ نادراً اتصل اتّصاله البشرىّ بالاتّصال الملكوتّى والجبروتّى بملكوت علىٍّ (ع) وجبروته، وهو العاقبة الحسنى والمثوبة الحسنى لا احسن منها { وَزِيَادَةٌ } هى لوازم الاتّصال بملكوت ولىّ الامر من الرّاحة فى الدّنيا والخلاص من آلامها والجنّة ونعيمها فى الآخرة، واختلاف الاخبار فى تفسيرها يرفعه ما ذكرنا { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ } لا يغشيها { قَتَرٌ } غبرة فيها سواد { وَلاَ ذِلَّةٌ } وهما كناية عمّا يعروها من اثر الحزن وشدّة الحاجة وذلك لما عرفت من انّ المتّصل بملكوت ولىّ الامر ليس له الم حزن ولا حاجة { أُوْلَـٰئِكَ } التّأدية باسم الاشارة البعيدة للتّفخيم ولتصويرهم بما ذكر من الاوصاف { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } عطف على جملة للّذين احسنوا الحسنى من قبيل عطف الجملة او على الّذين احسنوا الحسنى بتقدير اللاّم من قبيل العطف على معمولى عاملين مختلفين عطف المفرد وهو اولى لموافقته لسياق الكلام ولسلامته عن الحذف { جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } قد سبق انّ السّيّئة لمّا كانت مخالفة لمقتضى الفطرة لا تقوى على تنزيل الانسان زيادة على قدر قوّتها، والحسنة لمّا كانت موافقة لفطرته ترفعه زائداً على قدر قوّتها عشر امثالها الى سبعمائة والله يضاعف لمن يشاء { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ } من سخط الله او من جانب الله { مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً } لغاية الحزن وشدّة الالم { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } يعنى المؤمنين والكافرين، او الكافرين وشركاءهم، او المؤمنين وأئمّتهم والكافرين وشركاءهم { جَمِيعاً } عطف على محذوفٍ متعلّق بالجمل السّابقة من قوله للّذين احسنوا الى اغشيت وجوههم اى فى الدّنيا او يوم الموت او يوم الرّجعة ويوم نحشرهم او المعطوف والمعطوف عليه كلاهما محذوفان والتّقدير ذكّرهم بما ذكر وذكّرهم يوم نحشرهم او متعلّق بزّيلنا على تقدير امّا او توهّمه او زيادة الفاء، او متعلّق بزّيلنا المذكور تفسيره { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } بالله او بالولاية { مَكَانَكُمْ } الزموا ولا تبرحوا او هو اسم فعل و { أَنتُمْ } تأكيد للمستتر فيه تصحيحاً للعطف عليه { وَشُرَكَآؤُكُمْ } فى الالهة او فى العبادة او فى الولاية او فى الطّاعة او فى المحبّة او فى الوجود { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } اوقعنا التّفرقة بين المؤمنين والكفّار او بين الكفّار وشركاءهم { وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ } باحد الوجوه { مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } المراد بالعبادة ههنا اعمّ من العبادة المعروفة، او المراد بشركاؤهم الشّركاء فى العبادة لانّهم فى الحقيقة عبدوا اهواءهم ومن عبادة اهواءهم تولّد عبادة الشّركاء الظّاهرة.