التفاسير

< >
عرض

وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ
٣٦
-يونس

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً } استيناف على ما قيل باتيان الواو للاستيناف لكنّه بعيد لانّه ما لم يلاحظ ربط بين الجملتين لا يؤتى بالواو فان شئت فسمّ ذلك الرّبط بالعطف بجعل الجملة السّابقة فى امثال هذا معطوفاً عليها بلحاظ المعنى او بتقدير المعطوف عليه من معنى الجملة السّابقة، مثل ان يلاحظ انّ معنى ما لكم او معنى كيف تحكمون ليس لهم عقل او علم او يحكمون بالباطل، او يقدّر امثال ذلك بقرينة السّابق ثمّ يعطف عليه وان شئت فسمّه بشبه العطف والتّقييد بالاكثر امّا لانّ بعضهم يتّبعون رؤساءهم من غير حصول اعتقاد لهم لعدم شأنيّتهم لاعتقاد شيءٍ كالحيوان الّذى يتّبع صاحبه من غير شعورٍ له بنفعٍ او ضرٍّ فى ذلك الاتّباع، او لانّ بعضهم كان يعلم بطلان ما يعبد لكنّه يعبد المعبودات الباطلة ويطيع رؤساء الضّلالة لمحض اغراض فاسدة دنيويّة، وتنكير الظّنّ للاشارة الى انّ ظنّهم ظنّ سفلىّ مستند الى النّفس ردىٌّ مهلك والاّ فالظّنّ العلوىّ المستند الى العقل قلّما ينفكّ الطّالب للآخرة عنه ما لم يدخل فى الولاية ولم يصر عالماً بواسطة اتّباعه للولاية وذلك الظّنّ يجذبه الى دار العلم ويكون ممدوحاً { إَنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي } من اغنى عنه بمعنى ناب عنه وكفى كفاتيه { مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } مفعول مطلق ومن الحقّ صلة يغنى او مفعول به ومن الحقّ حال منه، وتعريف الظّنّ امّا للاشارة الى الظّنّ السّابق او للجنس باعتبار انّ بعض افراد الظّنّ وان كان قد يدعوا لى دار العلم لكنّه لا يكفى كفاية الحقّ فلا ينبغى الوقوف عليه فالظّنون المستندة الى الكتاب والسّنّة ان كانت عقليّة علويّة فهى ممدوحة لكن لا ينبغى الوقوف عليها ما لم توصل الى العلم وان كانت نفسيّة دنيويّة سفليّة فهى مذمومة { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } جواب سؤالٍ ناشٍ عن قوله وما يتّبع اكثرهم الاّ ظنّاً يعنى انّه عليم بصور افعالهم ومصادرها وغاياتها.