التفاسير

< >
عرض

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
٤
-يونس

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } استينافٌ جوابٌ لسؤالٍ عن العلّة او عن حالة مع خلقه وعلى الثّانى ايضاً يستلزم التّعليل { وَعْدَ ٱللَّهِ } وعد الله وعداً { حَقّاً } مفعول مطلق تأكيد لنفسه ان جعل من قبيل له علىّ درهم حقّاً، او تأكيد لغيره ان جعل من قبيل: ابنى انت حقّاً، او حال من وعد الله، والموعود امّا ارجاع الكلّ اليه او بدء الخلق واعادتهم للجزاء { إِنَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } بيان للموعود ولذا لم يأت باداة الوصل، او تعليل لرجوع الكلّ اليه ان جعل الموعود ارجاع الكلّ اليه { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ } بالعدل الّذى هو لائق من جزاء كلّ اعمالهم بجزاء احسنها، او ذكر القسط هنا تمهيدٌ لوعيد الكفّار للاشارة الى انّه لا ظلم معهم وهو لا ينافى المعاملة معهم بالفضل بعد مراعاة القسط، والحقّ انّ حقيقة القسط هو الولاية المطلقة المتحقّق بها علىّ (ع)، وانّ كلّ قسط يوجد فى العالم انّما هو من فروع تلك الولاية، لكن لا يسمّى القسط قسطاً شرعاً الاّ اذا اتّصل الولاية التّكوينيّة بالولاية التّكليفيّة بالبيعة العامّة النّبويّة او بالبيعة الخاصّة الولويّة، فالقسط شرعاً يستلزم الاسلام او الايمان والمنظور ههنا هو ذلك الّلازم كأنّه قال ليجزى الّذين آمنوا بالبيعة العامّة او بالبيعة الخاصّة وعملوا الصّالحات بالبيعة الخاصّة وما يشترط فيها، او بامتثال شرائط البيعة الخاصّة بالاسلام او بالايمان ويؤيّد هذا المعنى موافقته لقرينته فى قوله تعالى: بما كانوا يكفرون، ولم يعيّن الجزاء تفيخماً له بابهامه اشارة الى انّه جزاء لائق باعطاءه { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } عطف على الّذين آمنوا، وعلى هذا فقوله { لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } جملة مستأنفة بيان للجزاء او عطف على انّه يبدؤ الخلق او على مقدّرٍ مستفاد من قوله ليجزى الّذين آمنوا (الى الآخر) كأنّه قال: فالّذين آمنوا (الى آخر الآية) والّذين كفروا (الى آخر الآية) وعلى هذا فتغيير الاسلوب للاشارة الى انّ جزاء الكفّار من الغايات بالعرض وانّه ينسب الى انفسهم لانّهم اولى بسيّئاتهم من الله.