التفاسير

< >
عرض

أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٥٥
-يونس

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ أَلاۤ إِنَّ للَّهِ } مبدءً ومرجعاً وملكاً { مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } فيفعل ما يشاء بمن يشاء من غير مانعٍ من حكمه ولا رادٍّ من فعله { أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ } بالعذاب والثّواب { حَقٌّ } لا خلف فيه من قبله كما لا مانع له من غيره ولمّا كان الجملتان لتسجيل عقوبة المنافقين وكان التّأكيد بعد ذمّهم مطلوباً اتى فى الجملتين باداة الاستفتاح ومؤكّدات الحكم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ليس لهم صفة العلم، فانّ العلم هو الادراك الّذى يحرّك صاحبه من السّفل الى العلو، وبعبارةٍ اخرى هو الادراك الّذى يحصل لصاحبه حال كونه فى السّلوك الى الله ولا محالة يشتدّ كل يوم وكلّ آن ويستلزم ذلك الادراك العمل بموجبه وحصول علم آخر له بآخرته ويحصل له ازدياد علمٍ بالله وقدرته واحاطته، وهذا العلم غير حاصل لمن انكر الآخرة قالاً كاهل بعض المذاهب او حالاً كاكثر المنتحلين للملل الحقّة فهم غير عالمين وان كانوا عالمين بجميع الفنون والصّناعات، وللغفلة عن حقيقة العلم سمّى ادراكاتهم اشباه النّاس علوماً؛ وفى الخبر قد سمّاه اشباه النّاس عالماً وقد حقّقنا ذلك فى اوّل البقرة عند قوله: { { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [البقرة: 102] وفى الرّسالة المسمّاة بـ "سعادت نامه" وعلى هذا فالتّقييد بالاكثر للاشعار بانّ اقلّهم ما ابطلوا علمهم الفطرىّ الّذى اعطاهم الله وبقى فيهم شيءٌ منه محجوباً احتجاباً عرضيّاً.