التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ
٢
-الفيل

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ } لخراب البيت { فِي تَضْلِيلٍ } فى الافناء والاهلاك او فى عدم الاهتداء الى المقصد، قد اجمع الرّواة انّ الّذى قصد بالفيل الكعبة هو ملك اليمن، وقيل: كان من قبل النّجاشىّ ملك الحبشة على اليمن وكان حركته الى مكّة بأمره، والنّجاشىّ هذا كان جدّ النّجاشىّ الّذى كان فى زمن النّبىّ (ص) وأقرّ به، وكان اسم ملك اليمن ابرهة بن الصّباح الاشرم وكنيته ابو يكسوم بنى كعبة باليمن وامر النّاس ان يحجّوا اليها، وانّ رجلاً من بنى كنانة خرج حتّى قدم اليمن ثمّ نظر اليها فقعد فيها لقضاء حاجته فغضب ابرهة لذلك واحلف ان يهدم البيت، ثمّ خرج بجنوده ونزل على ستّة اميال من مكّة فبعث مقدّمته واصاب مقدّمته مأتى بعيرٍ لعبد المطّلب فلمّا بلغه خرج حتّى أتى القوم فاستأذن على ابرهة فأذن له بعد ما عرفوه انّه رئيس القوم فدخل عليه وهو على سريره فعظّمه ونزل من سريره وجلس معه ثمّ قال: ما حاجتك؟ قال: حاجتى مأتا بعير اصابتها مقدّمتك، قال: اعجبتنى رؤيتك وزهّدنى فيك كلامك، قال: ولم ايّها الملك؟ - قال: لأنّى جئت لاهدم بيت عزّكم وشرفكم وجئت تسألنى حاجتك ولا تسأل عن انصرافى عن بيتكم؟! فقال: انا ربّ الابل وللبيت ربّ يمنعك منه، فأمر ابو يكسوم بردّ ابله فخرج فلمّا اصبحوا بعثوا فيلهم فلم ينبعث، وقيل: كان معهم فيل واحد اسمه محمودٌ، وقيل: ثمانية افيال، وقيل: اثنا عشر، فظهر عليهم طير من قبل البحر مع كلّ ثلاثة احجارٍ حجر فى منقاره وحجران فى رجليه، وكانت ترفرف على رؤسهم وترمى فى دماغهم فيدخل الحجر فى دماغهم ويخرج من ادبارهم وينتقض ابدانهم فصاروا كما قال تعالى { كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ }، ولم يبق منهم الاّ رجل واحد هرب فجعل يحدّث النّاس بما رأى اذ طلع عليه طائر منها بعد ما وصل الى اليمن فرفع رأسه فقال: هذا منها وجاء الطّير حتّى حاذى رأسه ثمّ القى الحجر عليه فخرج من دبره فمات، وكان ذلك فى العام الّذى ولد فيه رسول الله (ص)، وقيل: كان قبل مولده بثلاثٍ وعشرين سنة، وقيل: باربعين سنةً.