التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
١١٩
وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
١٢٠
-هود

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ } قد مرّ مراراً انّ الولاية المطلقة هى رحمة الحقّ وانّ صورتها النّازلة المتصوّرة بصور الحروف والنّقوش المعبّر عنها بالايمان الدّاخل فى القلب وانّ ملكوت الامام السّاكنة فى القلب صورة الرّحمة وحقيقتها وقد حقّق ايضاً انّ الدّاخلين فى الولاية بالبيعة الخاصّة الولويّة وجهتهم واحدة ومقصدهم واحد الاّ اذا اخرجوا وارتدّوا فطرة بعد ما آمنوا وانّ غيرهم سواء كانوا متحلين لملّةٍّ واحدةٍ او لمللٍ مختلفة او لم يكونوا ينتسبون الى ملّة آلهيّةٍ كلّهم مختلفون لانّهم لا قائد لهم من ولىٍّ مرشدٍ ولا سائق من دليلٍ ناصرٍ ولا اتّصال لهم بشيخٍ واحدٍ وملكوتٍ واحدةٍ وقد قال المولوىّ قدّس سرّه تفسيراً للآية:

جان حيوانى ندارد اتّحاد تو مجو اين اتّحاد ازجان باد
جان كركان وسكان ازهم جداست متّحد جانهاى شيران خداست
همجو آن يك نور خورشيد سما صد بود نسبت بصحن خانه ها
ليك يك باشد همه انوارشان جونكه بركيرى توديوار ازميان

{ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ } لانّ فيه تعمير الدّنيا وبه بقاء اهلها وتكميل الاتقياء وتطهيرهم من وسخ الدّنيا وقد فسّر المرحوم فى الاخبار بشيعة آل محمّد (ص)، وانّهم متّحدون وانّ غيرهم مختلفون وان كانوا صورة على طريقة واحدة { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } عطف على خلقهم اى ولذلك تمّت كلمة ربّك فيكون اشارة الى حكمة الاختلاف او على مجموع لذلك خلقهم { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَكُـلاًّ } اى من الاقتصاص على ان يكون نائباً للمصدر او كلاًّ من الانباء على ان يكون مفعولاً به { نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } حتّى لا يعتريه خوف واضطراب ولا شكّ وارتياب ولا ينصرف عن طريق الطّاعة الى غيرها ولفظة ما مفعولٌ به على الاوّل وبدل او عطف بيان على الثّانى { وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ } القصص لافى غيرها { ٱلْحَقُّ } فلا تملّ من تطويلها وتكرارها فانّ فائدتها وهى مجيء الحقّ وثبات الفؤاد اعظم الفوائد واسناها والمراد بمجيء الحقّ هو ظهور الملكوت والملكوتيّين عليه فانّها صورة الحقّ لانّ الحقّ هو مقام الولاية والجبروت والملكوت صورتها والملك ايضاً بجهة حقيّة صورتها لكنّه لاكتناف الباطل به اختفى الحقّ عنه ولذلك لا يسمّى حقّاً على الاطلاق ولمّا لم يكن مجيء الولاية الاّ بصورة ولىّ الامر على الاشخاص البشريّة فالمراد بمجيئها هو نزول السّكينة الّتى هى ملكوت ولىّ الامر وبها ثبات فؤاد البشر { وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } يعنى انّ الاوليين لك خاصّة وهاتين لجملة المؤمنين.