التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٣
مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ
٢٤
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢٥
-هود

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ايماناً عامّاً بالبيعة العامّة النّبويّة او ايماناً خاصّاً بالبيعة الخاصّة الولويّة ودخول الايمان فى قلوبهم { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } بعد الايمان العامّ بالدّخول فى الايمان الخاصّ او العمل بشرائط الايمان الخاصّ ممّا اخذ عليهم فى الميثاق والبيعة الولويّة اذ مرّ مراراً انّ اصل الصّالحات هو الولاية ولا يكون عمل صالح الاّ بقبول الولاية ودخول الايمان فى القلب { وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } الاخبات الاطمينان مع الخشوع من الخبت بمعنى المتّسع من الارض المطمئنّة والمعنى اطمأنّوا اليه بالخشوع والانقطاع عن غيره، والرّبّ المضاف هو الولىّ الّذى بايعوا معه بيعةً خاصّةً ولويّةً ولا يصدق الاخبات الا بعد لقائه بالوصل الى ملكوته والحضور عنده، فانّ تلك البيعة تورث المحبّة والمحبّة تورث الاضطراب وعدم الاطمينان دون الاتّصال بالمحبوب ولا يقنع المحبّ بالاتّصال البشرىّ حتّى يحصل له الاتّصال الملكوتىّ ويجد المحبوب فى عالمه ويتّحد معه وهو الّذى يعبّر عنه بالفكر والحضور والسّكينة { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ } الصّادّين عن سبيل الله والمؤمنين به { كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ } كالّذى يعمى فى انّه لا يبصر طريقه وموبقات طريقه، وكالّذى يصمّ فى انّه لا يسمع من الصّوت ما هو مقصوده او فى انّه لا يسمع نداء منادى الله فى العالم الكبير ولا فى العالم الصّغير او كالّذى يعمى ويصمّ ليكون تشبيهاً واحداً لا ان يكون التّشبيه تشبيهين { وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ } تقديم الكافرين لمراعاة اللّفّ { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنَّي لَكُمْ } بأنّى على قراءة فتح الهمزة: وقائلاً انّى لكم { نَذِيرٌ مُّبِينٌ } على قراءة كسر الهمزة، او هو مستأنفٌ على هذه القراء جواباً لسؤالٍ مقدّرٍ.