التفاسير

< >
عرض

فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ
٢٧
-هود

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَقَالَ } اى فقال نوح لهم ما ارسلناه به فقال { ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } يعنى انّ المطاعيّة تقتضى ان يكون المطاع افضل من المطيع والفضيلة امّا اضافيّة بالاضافة الى من ادّعى الانتساب اليه او نفسيّة بكونه فى نفسه افضل من المطيع وكلاهما منتف عنك، امّا الاوّل فلكونك بشراً مثلنا والبشر لا يكون مناسباً للخالق الّذى ادّعيت الانتساب اليه لكونك مادّياً سفليّاً محدوداً متحيّزاً وكون الخالق بخلاف ذلك ولو فرض وجود بشرٍ على خلاف ذلك فلست انت ذلك لكونك مثلنا، وامّا الثّانى فلكون اتباعك اراذل النّاس وبين التّابع والمتبوع يكون مناسبة فانت ارذل النّاس { بَادِيَ ٱلرَّأْيِ } من بدا يبدو بمعنى ظهر او من بدء بمعنى ابتدء وهو منصوب على الظّرفيّة بتقدير مضاف اى وقت بادى الرأى والاتّباع وقت اوّل الرّأى او ظاهر الرّأى من غير تعمّقٍ دليل على الارذليّة { وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } يعنى لا فضل سوى ما ذكر ولو فرض فضل سوى ما ذكر لم تكن انت له باهلٍ لانّا لا نرى لكم علينا شيئاً من الفضل، اشركوا اتباعه معه فى نفى مطلق الفضل ليكون كالدّليل على نفى مطلق الفضل عنه لانّه ان كان للمتبوع فضل يسر ذلك الفضل الى التّابع وان خفى فى بعضٍ ظهر فى بعض آخر، ويجوز ان يكون قوله وما نرى لكم كالنّتيجة للاوليين يعنى ان لم يكن لك فضل نفسىّ ولا اضافىّ فلا فضل لكم علينا { بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } فى دعوى الرّسالة وتصديقهم ايّاك ولمّا لم يكن مقدّماتهم يقينيّة بل كلّها كانت ظنّيّة خطابيّة صرّحوا بظنّهم اخيراً، ولكن قياسهم يشبه ان يكون من القياسات الشّعريّة المركّبة من المقدّمات الوهميّة المموّهة حيث انكروا الرّسالة بقصر النّظر فى الرّسول على بشريّته وانّها تنافى الرّسالة عن الخالق ولم ينظروا الى روحانيّته وانّها مناسبة للخالق وانّ الرّسول بوجهه الرّوحانىّ يأخذ من الله وبوجهه البشرىّ يبلّغ الى خلقه، وانّه لو لم يكن ذا بشريّةٍ لا يمكنه التّبليغ الى البشر، وانكروا فضل الاتباع ايضاً بقصر النّظر على بشريّتهم وجهة دنياهم ولم ينظروا الى روحانيّتهم المناسبة لروحانيّة الرّسول المناسبة للارواح المجرّدة ولو ادركوا روحانيّتهم، وان لا روحانيّة لانفسهم لعلموا انّ لاتباع النّبىّ (ص) فضلاً كثيراً جدّاً عليهم.